د. ناصر الفهداوي كلما تجددت الكتابة عن المآسي والنكبات وغصّات الموت التي مـرّت على مناطق أقضية حزام بغداد ومدن العاصمة بغداد ومعها المحافظات السُنِّيّة الأخرى؛ والتي نُـفِــذَّت وتُــنَـقَّذ وَفْق مشروع ممنهج للتطهير الطائفي القمعي والتغيير الديمغراقي، كلما تحشرجت في الصدر غصّات وآهات، وتجدد إنكاء الجراحات الغائرة التي تكاد صراخات أهلها تملأ الآفاق ولكن لا سامع لها ولا مجيب لشكواها، تقف منذهلةً أمام أمة تتصنّم واجمةً لا تداوي جريحًا ولا تُسعِفُ ملهوفًا ولا تُنقِذُ غريقًا ولا تُنْجِدُ مستغيثًا.. ولا تعي ما الذي يدور حولها من مؤامرات ومخططات تستهدف وجودها وهوّيتها وحضارتها ومستقبلها. هذا التقرير كلمات مختصرة توجز مشاهد ضخمة من الإبادات الجماعية المروّعة والتطهير الطائفي لأهل السنة واستئصالهم من بلدهم، وتختزل ـ الهولوكوست الإيراني الطائفي ـ المحارق الصفوية في العراق.. نكتبها بدموع المآقي وشلاّلات دماء الجراحات وسكرات الموت المُرَّة، جراحات نعيشها كل يوم، ونستودعها التاريخ ونُسْمِعُها لكل من أبى أن يَسْمَعَها، ونقدّمها شاهدة عند الله. تجري أحداث التطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي في العراق دون أن تتدخل المنظمات الدولية المسؤولة، ودون أن تعترض حكومات الدول الإسلامية ـ والعربية منها على وجه الخصوص. وهم يرون ويعلمون بأن الشعب العراقي يعيش مآسي ونكبات إجرام التطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي كل يوم، ما زال يتعرّض لأبشع حملات الإبادة والمقابر الجماعية ترتكبها عصابات إيران في العراق برضى (أمريكي ـ غربي)، وبصمت (إسلامي ـ عربي). هذه دراسة مختصرة تتحدّث عن جرائم التطهير الطائفي التي ارتكبتها الميليشيات الإرهابية التابعة للأحزاب المشاركة في حكومات الاحتلال المتعاقبة في العراق، والتي نتج عنها ارتكاب جرائم التغيير الديمغرافي الممنهج والتطهير القمعي في مناطق جنوب بغداد.. وقد وصل مشروع الهيمنة الإيرانية اليوم إلى أن يغرس مخالبه في عمق هذه المناطق وغيرها من المحافظات السنية، وقد ظهرت هناك علامات في أن هذا المشروع الاستئصالي بدأ يجني ثمار إرهابه ضد أهالي تلك المناطق؛ بإخضاعهم إلى مآربه وأهدافه.. وأخذ اليوم يشتري ذمم ضعاف النفوس وخسيسي الضمير من سياسيين وشيوخ عشائر "سنة"؛ ليجعلهم من أدواته في لتمرير مشروع الهيمنة الإيرانية في المحافظات السنية. وقد شملت الدراسة قضاءين فقط وهما (المحمودية، والمدائن)، وهما قضاءان يقعان جنوبي العاصمة بغداد، وما يتعرضان له من إبادات جماعية، وحرق وتدمير للمدن، وتفجير وحرق للجوامع، وتهجير قسري لمن تبقى من الأهالي. شملت هذه الدراسة أيضًا، مناطق مهمة وذات موقع استراتيجي من محافظتي (بابل، وواسط)، باعتبار صلتها القريبة جدًا من جنوب بغداد، ولها حدود مع العاصمة بغداد، وأنها تعدُّ منطقة واحدة، ورقعة جغرافية تتّخذ طابعًا اجتماعيًّا واحدًا وتوجّهًا دينيًّا واحدًا، وأنها تأبى الخضوع لمشاريع التغيير الديمغرافي.. وباعتبار خضوعها لنفس الأساليب القمعية والتطهير الطائفي الإجرامي، وأن كل ما يجري فيها يعزِّز تنفيذ مشاريع التطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي.. وأنها تشكِّل عائقًا وسدًّا منيعًا وممانعًا بوجه النفوذ الصفوي والخضوع للهيمنة الإيرانية. القسم الأول ـ مناطق جنوب بغداد: التقسيم الإداري لمناطق حزام بغداد وأقضيتها: تحيط في العاصمة بغداد (7) سبعة أقضية، حسب التقسيم الإداري الحديث بعد سنة (2003)، وهذه الأقضية هي: (المحمودية، وأبو غريب، والمدائن، والطارمية، والتاجي، والاستقلال، والحسينية)، ومن هذه الأقضية ما هو كبير وبمساحات كبيرة وذو تعداد سكاني كبير مثل (المحمودية، وأبو غريب، والطارمية، والمدائن، والتاجي)، ومنها ما هو أقل مساحة وكثافة سكانية مثل (الحسينية، والاستقلال)، وقد كانت هذه الأقضية المحيطة بالعاصمة بغداد كانت وما زالت تُشكِّل بوّابات العاصمة بغداد، وتمثِّل حصن بغداد ضد زحف النفوذ الصفوي، وتُـعَـدّ الأسيجة المنيعة التي منعت من جعل بغداد حالها حال محافظات الجنوب، وكانت وما زالت إحدى أهم مرتكزات مشروع تغيير التركيبة السكّانية (التغيير الديموغرافي)، وتمدّد زحف المشروع الشيعي لتشييع هذه الأقضية، بمشروع متكامل من (بناء مجمّعات استيطانية، وبناء حسينيّات ـ مساجد شيعية ـ جديدة، وتوزيع قطع أراضي سكنية لصناعة مجمّعات سكنية ترتكز على المذهب الواحد ومن الشيعة فقط)، ومن ثم تمرير مشروع الهيمنة الإيرانية وإخضاع بغداد لهيمنة مشروع "الولي الفقيه". كانت الأقضية المحيطة في العاصمة بغداد بالأصل (4) أربعة أقضية فقط قبل سنة (2003)، تمثل وحدات إدارية من الجهات الأربع بجهات العاصمة، وتم استحداث (3) ثلاثة أقضية بعد سنة (2003) وهي أقضية تم فصلها من الأقضية الأصل الكبيرة، وهي (التاجي شمال غرب بغداد) وتم استحداثه وفصله من قضاء (الطارمية)، وقضاءي (الحسينية شرق بغداد، والاستقلال شمال شرق بغداد) وتم فصلها من قضاء المدائن جنوب شرق بغداد ومناطق من شرق العاصمة بغداد، وجعل جميع الأقضية عبارة عن وحدات إدارية يسهل السيطرة عليها وتمرير مخططات تغيير التركيبة السكانية، وجعل من هذه الأقضية حلقات ضعيفة يسهل من خلالها توسيع النفوذ الشيعي واختراق حصون بغداد وبوّاباتها المهمّة، التي يتم من خلال كسرها وإزاحة أهلها ومن يقف ضد التغيير الديموغرافي لتحقيق عملية الزحف السكاني الشيعي وطرد أهلها الأصليين، وتنقسم مساحات الأراضي التابعة لهذه الأقضية على أقسام عدة، هي: أولًا ـ مساحات تحتوي على مدن مركزية وتجمعات عمرانية وأحياء، آهلة بالسكان، وفيها مصانع كبرى ((تم تعطيلها جميعًا، وإن كان أغلبها لم يتعرّض للتخريب أو التدمير))، وتم تعطيله بعملية ممنهجة ومرسومة، وذات أهداف ومرامي لا تخفى؛ لاستنزاف المنطقة وحرمانها وحرمان أهلها من الاستفادة. ثانيًا ـ مساحات زراعية تحتوي على بساتين كبيرة وواسعة جدًا بمختلف أنواع الثمار، وتحتوي على ثروات زراعية أخرى، مثل (حقول تربية الدواجن، وحقول تربية الأسماك).. وتعدّ بأنها السلّة الغذائية للعاصمة والمحافظات المجاورة لها. ثالثًا ـ أراضي تنتشر فيها شركات ومصانع كبيرة ومعامل، ومناطق صناعية كبيرة وواسعة وأسواق رئيسية وأخرى فرعية، توفر أكبر رصيد من فرص العمل لسكّان تلك المناطق. وهذه الأقضية وفي مقدّمتها الأقضية الأربعة الأساس التي كانت قبل سنة (2003) معروفة بأغلبيّتها السنيّة التي يعرفها القاصي والداني، ويمثّل الوجود السني فيها إلى أكثر من (90 %) تسعين بالمائة من التركيبة السكانية في هذه الأقضية، وقد تم استحداث وفصل الأقضية الثلاث الجديدة وهي (المشاهدة، والعبايجي، والتاجي) لتكون نسبة أهل السنة في قضاء (التاجي) شمال غرب العاصمة بغداد ما يقارب (80 %)، وفي قضاءي (المشاهدة، والعبايجي) شمال بغداد بنسبة (100%)، وتكون نسبة أهل السنة في قضاءي (الاستقلال، والحسينية) بما يقارب ألـ(50 %) خمسين بالمائة من التركيبة السكانية، ليكونا الخاصرة الرخوة ليتم تنفيذ مشاريع الزحف الشيعي تجاه العاصمة بغداد، ونشر المستوطنات الشيعية القادمة من الجنوب واستحداث أحياء شيعية عبر توزيع أراضي الدولة بمخالفات قانونية صارخة. وكل ما جرى مؤخرًا بعد سنة (2010) ويجري الآن على المحافظات السنية (الأنبار، وديالى، وصلاح الدين، والموصل، وكركوك) من هجمات وتدمير وعمليات تصفية جسدية وعمليات تطهير طائفي، فإنه قد جرى أضعافه على الأقضية السبعة المحيطة بالعاصمة بغداد منذ سنة (2004).. وجرى ذلك بتعتيم إعلامي، مع قلب الحقائق وإظهار أن هذه الأقضية "إرهابية" وتقف بالضد من الحكومات التي تأتي بها إيران، وترفض التغيير الحاصل بعد سنة (2003).. وقد مورس ضدها شتّى أنواع الممارسات الإجرامية المروّعة للتطهير الطائفي ولتنفيذ مشروع التغيير السكاني وتهجير السكان الأصلاء. وتعرّضت هذه الأقضية منذ عام (2004) إلى مختلف مشاريع التغيير الديموغرافي الممنهج؛ بمشروع كبير ومرسوم ومدعوم من جميع الجهات الراسمة لمشروع الهيمنة الإيرانية، وتمثلت بالآتي: 1 ـ استهداف (الكفاءات العلمية والجامعية، والشخصيات البارزة من ضباط وأطباء ومهندسين، وكبار الموظفين والإداريّين، وشيوخ العشائر، وأئمة وخطباء الجوامع، والوجهاء المؤثرين في عموم المناطق) بعمليات الاغتيالات والتصفيات الممنهجة. 2 ـ شن هجمات عسكرية كبيرة من قبل القوات والألوية والأفواج التي تم تشكيلها في المحافظات، وتم جمعها من الميليشيات وتم دمجها بالحكومة ومؤسساتها العسكرية (شرطة اتحادية، أمن وطني، وحرس وطني)، وتم إظهارها على أنها قوات حكومية تحمل الصفة الرسمية الحكومية والأسلحة والسيارات وعجلات الدفع الرباعي الحكومية، ومارست أبشع عمليات الاختطاف من قبل الحواجز الأمنية والسيطرات التي تم نشرها على مدن ومناطق وقرى الأقضية المحيطة بالعاصمة ويتم نقل جميع المختطفين إلى المقرات العسكرية التابعة للقوات الحكومية والمناطق المهجورة ليتم تصفيتهم ورمي جثثهم في الطرقات ومكبّات النفايات لترويع أهالي جميع مناطق الأقضية مما يضطرهم إلى الهجرة القسرية والرحيل وترك مناطقهم وبيع أملاكهم بأبخس الأثمان "والمشتري معروف الهوية"!. 3 ـ تعرض جميع مناطق الأقضية إلى حملات ممنهجة للاعتقالات وبالمئات في كل حملة، ثم يتم مساومة أهالي المعتقلين بعدم تعريضهم للتعذيب والقتل بالمبالغ المالية الكبيرة و(بعشرات آلاف الدولارات)، وبما يكفل من خلال هذه العملية من اضطرار عوائل المعتقلين إلى بيع منازلهم وأثاثهم وكل ما يملكون لتخليص ابنهم المعتقل من التصفية وقد يعثرون له على جثة مرمية في الطرقات، وقد لا يعثرون على جثته مطلقًا. وكذلك يتم مساومة الأهالي ممن لا يملك مبالغ مالية كبيرة، بدفع مبالغ مالية بآلاف الدولارات لتخليص ابنهم المعتقل من التعذيب وعدم تحميله باعترافات قسرية وعدم تحميله قضايا تفضي به إلى الإعدام، وعدم لصق جرائم إرهابية ضده، كي يخففوا عنه مدة المحكومية التي سيوجهها القضاة التابعين للأحزاب المشاركة بالحكومة في العراق.. مما يضطر الأهالي إلى بيع كل ما يملكون من بيت السكنى والأراضي الزراعية والأثاث المنزلي كي ينقذوا ابناءهم من ويلات السجون ومهالك التعذيب والقتل والتصفية الجسدية ورمي جثثهم في مكبّات النفايات.. أو الضياع في مهالك السجون السرية التي تديرها الأحزاب الشيعية النافذة المشاركة في العملية السياسية (الأمريكية- الإيرانية) وبإشراف مباشر من الحرس الثوري الإيراني وعناصر "اطلاعات" الإيرانية. وبقيّة المعتقلين "المختطفين" يتم البحث عنهم بين الجثث المرمية في برّادات الطب العدلي أو مرمية في الطرقات، أو مرمية في مكبّات النفايات. وحملات الاعتقال تجري بشكل شبه يومي، وكان ينتج عنها اعتقال المئات ـ بشكل يومي ـ في السابق في أعوام ما بين (2004 ـ 2010)، أما اليوم فينتج عنها اعتقال العشرات الجميع يتعرّضون لنفس الحال الذي يجري في السابق من التعذيب والقتل والتغييب. وجميع حملات الاعتقال تتم دون وجود أي موافقات رسمية ودون إحضار مذكّرات قبض، ودون أية إجراءات قضائية رسمية، ويتم اتهام الجميع بمادة (4/ إرهاب). 4 ـ أغلب المعتقلين قد اعتقل بتهمة (4/ إرهاب) ولم يعرض في المحاكم ولم يتم تحريك قضايا الكثيرين، لعدم وجود مدّع بالحق الشخصي ضده، أو أنه قد اعتقل بجريرة وذريعة "المخبر السري"، ولا يتم تحريك قضيته لعدم وجود "مخبر سري" ضدهم أصلًا، والكثير منهم تم تبرئته منذ سنوات عدة وتم الحكم عليه بتبرئته من جميع التهم وإطلاق سراحه ولكن الحكومة الميليشياوية ترفض إطلاق سراحه، بذريعة الاعتقال الاحترازي، أو دون وجود أي ذريعة.. هكذا دون سبب إلاّ الإيغال بعذابات ونكبات ومآسي أهل السنة من حزام بغداد وسائر المحافظات السنية.. ولتحقيق مشروع تشييع العراق وإخضاعه للهيمنة الإيرانية الصفوية، وتنفيسًا لأحقاد ثأرية دفينه، كما يصرح ساسة العراق الذي نصّبتهم إيران بأن ما يجري في العراق هو امتداد (لمعركة أنصار الحسين مع انصار يزيد). 5 ـ تم اعتقال مئات النساء من أقضية حزام بغداد ذات التركيبة العشائرية الأصيلة، ومن عشائر سنيّة لها هيبتها ولها تاريخها المشرّف، وتم اعتقالهنّ بصورة مهينة واغتصابهنّ داخل المعتقلات، ومن النساء مَنْ حملن سفاحًا ووضعن داخل السجون، ولا تزال حملات اعتقال النساء مستمرة لغاية اللحظة، لكسر هيبة العشائر السنية، وهتك أعراض المسلمين أهل السنة وانتهاك حرماتهم، وتعلم الحكومة الصفوية في العراق بأن هذا الأمر من شانه أن يروّع سكنة جميع أقضية حزام بغداد، وبما يحقق الهدف والمشروع الحكومي الطائفي بتهجير العوائل واضطرارهم إلى ترك مناطقهم ومغادرتها دون النظر إلى كل ما يملكون، لأنهم سيضطرون إلى أن يضحّوا بكل ما يملكون من أجل النجاة بأعراضهم. ولا تزال في معتقلات الحكومة الطائفية أكثر من (530) امرأة سنيّة معتقلة ومنذ سنوات عدة، والحكومة تتأبّى من إطلاق سراحهنّ وترفض فكاك أسرهن، بذريعة أن الحكومة قد اعتقلتهن نيابة عن أزواجهن أو آبائهن أو إخوانهن المطلوبين. 6 ـ مع شن الهجمات الممنهجة من قبل القوات الحكومية المشكّلة من ميليشيات الأحزاب الحاكمة والتي تم تدريبها في إيران ـ سابقًا ـ ومع حملات الاعتقالات الواسعة يتم سرقة كل ممتلكات الأهالي من المبالغ المالية والمصوغات الذهبية والحاجات الثمينة، ويتم الاستيلاء على سيارات الأهالي وآلياتهم الزراعية وكل ما خفّ حمله وغلا ثمنه، ثم يتم مساومة المالكين بالتنازل القسري أمام المؤسسات الحكومية لصالح أشخاص قادمين من محافظات الجنوب ولهم علاقات مع قادة الميليشيات وقادة القوات الحكومية، يُطْلق عليهم (السيّد، أو الحوت، أو الكوسج) ليشتروا هذه العجلات المصادرة من الضباط أو رؤساء عصابات الميليشيات جملة واحدة وبأثمان قليلة عما يتداول في الأسواق. 7 ـ اغتيال أغلب أئمة وخطباء الجوامع في جميع الأقضية؛ باعتبارهم أحد أهم المرتكزات التي تعمل على تثبيت الأهالي بالقيم الشرعية والثبات على تحمّل تبعات المرحلة كي لا تهنأ إيران بما تريد، حيث تمّ في أغلب الجوامع اغتيال كوادر الجوامع بكامل موظفي الجوامع من (الإمام والخطيب، والإمام الاحتياط، والخدم والمؤذنين).. وفي معظم الجوامع تم اغتيال ثلاثة إلى خمسة أجيال من الأئمة والخطباء والموظفين الذين توالوا على التمسك بالجوامع، حيث يتم اغتيال الإمام والخطيب ومن معه، ثم يأتي بعده إمام وخطيب وموظفون للعمل في الجامع فيتم اغتيالهم، ويأتي جيل ثالث ورابع وخامس وهؤلاء تم تعرّضهم للاغتيال والتصفية والاختطاف والاعتقال والمطاردة. 8 ـ من لم يتم اغتياله من الأئمة والخطباء والمؤذنين والخدم وبقية موظفي الجوامع فإنه يتعرّض للاعتقال ولعدة مرات هو وأبناءه وحتى الأطفال منهم، وتعرّضهم لأبشع أنواع التعذيب، ومن الخطباء من اعتقل أكثر من (5) فترات مختلفة هو وأبناؤه، حتى اضطره الأمر إلى ترك جامعه ومنزله والهجرة بأسرته إلى منافي الاستنزاف وحالات الضنك دون وظيفة ودون تعليم لأولاده لأنه أصبح لا يملك قوت يومه، وأولاده أصبحوا عاطلين عن العمل ولا وجود لفرص العمل حتى في منافي التهجير، كما أن "ديوان الوقف السني" يقوم بفصله من الوظيفة لأنه سجّل عليه عدم حضوره في الجامع، والوقف السنّي أول من يعلم بأن بقاء هذا الإمام والخطيب يعني هلاكه ومقتله وهلاك أسرته، ولكن جميع الجهات المشاركة في العملية السياسية وأولهم (سياسيو السنة) لا يكترثون لكل ما يجري بأهل السنة والجماعة في العراق، ولا يتكلّمون به للإعلام بل يتستّرون عليه، حتى لا يطردوا من مناصبهم ويحرموا من مكاسبهم الشخصية. وهذا ما يجري أيضًا على بقية الموظفين ومن شتى أنواع الدوائر والمؤسسات الحكومية والجامعات فإنهم يضطرون إلى ترك وظائفهم لسلامتهم وخلاصهم من الاغتيال لهم ولأولادهم ثم يجدون أنفسهم مطرودين من الوظائف لأن الجهات الحكومية سجّلت عنهم تغيّبهم عن دوائرهم ولا يتم مراعاة ظروفهم الأمنية، وليس هناك من سياسي سنّي يتجرّأ أن يدافع عن موظف حكومي لأنهم ينظر إلى مكتسباته الشخصية ومنصبه.. وحتى لا يتهم بأنه يناصر السنة "الوهابية، النواصب الإرهابيين". 9 ـ تهجير عدد كبير من العوائل بذريعة اتهامهم بتهمة "الإرهاب" ومن جميع الأقضية المحيطة ببغداد، واضطرار أغلب العوائل ونتيجة لتعرّضهم لأبشع سياسات التطهير الطائفي القمعي إلى الهجرة وترك منازلهم او بيعها بأبخس الأثمان باعتبار أن جميع مناطق أقضية حزام بغداد هي مناطق ساخنة وترفض التغيير الحاصل بعد سنة (2003)، وأنها مناطق (وهابيّة، ونواصب، ومتطرفين، ومتشدّدين)، الأمر الذي جعل من أسعار بيوت المواطنين رخيصة الثمن لا تنفع بشيء يُذكر، ولكن أصحابها قد اضطرتهم سياسة البطش الحكومية واعتقال أبنائهم واختطافهم والمساومة على سلامتهم وإنقاذ حياتهم واستهداف جميع سكنة مناطق الأقضية المذكورة على الهوية السنية بدوافع طائفية وتم استهداف الموظف في دائرته والطالب في جامعته ومدرسته من (الرجال، والنساء، والأطفال) على حدٍّ سواء، وقد حدثت حوادث استهداف طائفي مروّعة، وتم اختطاف طالبات جامعيّات من (الجامعة المستنصرية) واغتصابهنّ والتمثيل بجثثهنّ بصورة وحشية ورميهنّ عاريات في الشوارع لأنهنّ من سكنة الأقضية السنية من حزام بغداد.. وعندها اضطر العديد من سكنة الأقضية من بيع منازلهم بأي ثمن للانتقاع بأثمانها لاستئجار منازل بديلة في المحافظات السنيّة مع ما يعينهم في حياتهم من أثاث بسيط. 10 ـ قامت الحكومات المتعاقبة بنشر القوات الطائفية المعروفة باندفاعها وحقدها الطائفي، والزج بعصابات الميليشيات وفرق الموت الشيعية التي منحتها الحكومات الصفة الرسمية من (الملبس، والسلاح، والعجلات الحكومية، والمستمسكات والوثائق الحكومية) الرسمية ـ بموافقة أمريكية ـ على جميع مناطق الأقضية السنيّة، ومن هذه الميليشيات (عصائب أهل الحق، وميليشيات بدر، وسرايا السلام، وجيش المهدي، وسرايا الخراساني، وسرايا عاشوراء، وحزب الله العراقي، وحركة النجباء.. وغيرها). وقامت هذه القوات الطائفية وعصابات الميليشيات بارتكاب أبشع جرائم التطهير الطائفي من الاغتيال، والاختطاف، والاعتقال، والقتل، والتسليب، وسرقة أموال المواطنين تحت تهديد السلاح عبر اقتحام المناطق والمنازل وأمام أنظار القوات الحكومية، دون وجود أي رادع، بل إن الحكومة هي التي تدعم كل إجرامهم وإباداتهم الجماعية، كما ارتكبت القوات الحكومية مجازر مروّعة وارتكبت جرائم الإبادات والمقابر الجماعية والاختطاف والتغييب إلى جهات مجهولة. 11 ـ عمدت الحكومة إلى قطع المياه عن أغلب الأنهر الممتدة في أراضي الأقضية المعروفة بالأغلبية السنية، كما في (المحمودية، وأبو غريب، والمدائن، والطارمية، والعبايـچي، والمشاهدة)، مما أدّى إلى توقف أغلب المشاريع الزراعية وهلاك البساتين والزروع، في محاولة لإفقار هذه الأقضية وحرمانها من أسباب عيشها ومورد قوتها ومنفذها الاقتصادي، وبما يؤدّي إلى ترك أراضيها الزراعية وكذلك الهجرة القسرية. كما أدى قطع المياه عن الأراضي الزراعية في هذه الأقضية إلى شلل شبه تام للحياة عمومًا والزراعة خصوصًا وألحق أضرارًا كبيرة فيها، إذ هجر الفلاحون مزارعهم وماتت الأشجار والنخيل، وترك الكثير منهم الزراعة وتوجه نحو أعمال أخرى.. وقد تم تدمير آلاف المشاريع الزراعية الكبرى، وتعطيل وتدمير آلاف مشاريع التربية الحيوانية والثروة السمكية وتربية الدواجن، والتي تعتمد على المنتجات النباتية في المنطقة، إضافة إلى موجة هجرة من سكانها إلى مناطق أخرى، وانخفاض في أسعار الأراضي الزراعية والبساتين والدور السكنية.. كما أن المعدات المستخدمة في نقل المياه إلى المنطقة تضررت كثيرًا بعد تركها كل هذه المدة.. وهي معدّات وآليات ومكائن كبيرة. 12 ـ قامت القوات الحكومية الطائفية الشيعية وعصابات الميليشيات التابعة للأحزاب المشاركة في الحكومات المتعاقبة بتدمير الجوامع وحرق بعضها واستهداف بعض آخر بالهجمات والقصف، كما قامت بتجريف مساحات واسعة من البساتين والحقول الزراعية الأخرى، بذريعة توجيه عقوبة ضد الأهالي لاتهامهم بـ(الإرهاب، والوهابية، والنواصب، والبعثيّين، والتطرّف).. أو بذريعة إقامة مشاريع وهميّة مثل استخدام حجة مد طرق داخل البساتين والمزارع وكل ما يعترض طريقهم فإنهم يقومون بتدميره وتجريفه، بعرض مئات الأمتار وبطول عشرات الكيلومترات، ثم يخبرون الأهالي بعدها بأن المخطط لم يكن صحيحًا ودقيقًا ليختاروا بعدها منطقة أخرى مجاورة وهكذا في أغلب الأقضية، ولا يستطيع أحد أن يشتكي لأن مصيره وكل أقاربه سيكون القتل والتعذيب والاختطاف والهلاك التام. 13 ـ لم تشمل هذه الأقضية بتخصيصات من ميزانيّة الدولة مما أدّى إلى حرمانها من أبسط المشاريع الخدمية، وحرمانها من الخدمات عن قصد، وتم حرمانها من أبسط وسائل العيش من الكهرباء والماء النقي والخدمات الصحية، ولم يتم شمولها بأبسط المشاريع العمرانية التي تعين على مواصلة العيش فيها، وهذا يأتي ضمن مفاصل الخطة الحكومية بقصد تهجير أهالي أقضية حزام بغداد. 14 ـ قامت الحكومة بالاستيلاء على أراضي الكثير من المالكين للأراضي الزراعية في الأقضية، وبمساحات شاسعة، وفي جميع الأقضية وأهمها (المحمودية، وأبو غريب، والمدائن، والطارمية، والمشاهدة، والتاجي، والعبايـچي)، بذريعة عدم استغلالها من المالكين ـ مع العلم أن الحكومة هي التي قطعت المياه عنهم عن قصد ـ لتنفيذ مشروع نشر مغتصبات لجعلها تجمعات شيعية وهي أراضي مغتصبة من مالكيها الأصليين، لتوزيعها على ميليشيات الحشد الشعبي وذوي قتلاهم باعتبار أنهم يقدّمون تضحيات. 15 ـ الجانب الأمني والاستقرار منعدمٌ تمامًا وفي جميع الأقضية، وأن أهالي الأقضية في حالة كبيرة من الرعب، والقلق الكبير من المصير المجهول، وأن جميع أهالي الأقضية اليوم ينظرون إلى أنفسهم عبارة عن أهداف تنتظر الموت من الهجمات الطائفية متى ما رغبت الميليشيات من تنفيذ هجماتها واختطافاتها واغتيالاتها ضدهم. بعض النتائج الأولية لمشروع التطهير الطائفي في العراق: بالنظر لما ذكرناه مما سبق من الإبادات الطائفية التي ارتكبتها القوات الحكومية وميليشياتها الشيعية من القتل والاغتيالات والتصفيات وحملات التطهير الطائفي والاختطافات وحملات الاعتقالات التي طالت مئات آلاف مواطني أهل السنة وتهجير الملايين منهم، فإنه قد نتج عنه: أ ـ ملايين الأيتام ممن لا يملكون معيلًا، ولا يملكون قوت يومهم في منافي التهجير والشتات داخل البلد وخارجه، ووصول حالات عشرات آلاف عوائل أهل السنة إلى الفقر وعدم تمكنهم من الحصول على قوت يومهم، وحصول نكبات ومآسي اجتماعية ونفسية.. ولا يملك العقل إمكانية الإحاطة بما يحصل وما سيحصل لهم وهم دون معيل، كما أن الأم في حالة ذهول وهي تعمل على استجداء وتدبير قوت أيتامها، أم تعمل على تربيتهم وتعليمهم، وهي لا تملك تكلفة ملابس ومستلزمات دراسة أطفالها.... والله المستعان. ب ـ ونتج عنها مئات آلاف الأرامل الثكلى مع مصائب التهجير والفقر وعدم الاستقرار، وهذا من أقضية حزام بغداد فحسب، مع عدم اكتراث حكومات الاحتلال المتعاقبة ولا السياسيين بما يجري لهن من ظروف معيشية صعبة، وهنَ لا يملكن قوت يومهن لمن يقمن بإعالتهم وتربيتهم، وهذا أدى إلى مصائب ونكبات اجتماعية. ج ـ كما أن حملات الاعتقال اليومي وبأعداد مهولة ومروّعة وصلت إلى ملايين على مدى السنوات الماضية، ويرزح إلى الآن منهم في معتقلات الحكومة (السرية والعلنية) أكثر من (500) ألف معتقل، ومن حزام بغداد منهم مئات الآلاف، والغاية من هذا هو أن تحقق الحكومة الطائفية هدف حرمان العائلة السنية من معيلها، وقد أصبحت العوائل بلا معيل ومنذ سنوات، والعائلة لا تملك راتبًا شهريًا يسد الرمق ويعين على العيش، لأن معيلها قد اعتقل بتهمة (4/ إرهاب)، ولم يعرض في المحاكم ولم يتم تحريك قضايا الكثيرين، لعدم وجود مدّع بالحق الشخصي ضده، أو ان تهمته وجود "مخبر سري" ضده وبالتالي يظهر أنه لا يوجد فيبقى في السجن لسنوات عدة دون تحريك ملف قضيته. د ـ أدى تكرار اعتقال الموظفين الحكوميين ولعدة مرات ومن جميع الوزارات إلى أن يضطر الموظف إلى ترك عمله، وقيام الدائرة الحكومية بتحقيق هدفها من استهداف الموظف من تكرار الاعتقال وهو فصله من الوظيفة لعدم تمكنه من الاستمرار بوظيفته وتواصل حضوره، وبالتالي سلبه من حقه الوظيفي ودرجته الوظيفية، وحرمانه من مرتبه الذي هو سبب قوته وعيشه، مما يؤدي إلى عجزه عن تلبية متطلبات أسرته، ولا يتمكن من تعليم أبنائه لعدم تمكنه من سداد تكاليف دراسة أولاده واحتياجاتهم اليومية الأخرى، ونتج جيل من أبناء الموظفين والعوائل المهجرة نتيجة إجرام وإرهاب الحكومة الطائفية دون تعليم. هـ ـ نتج عن تهجير أهالي أقضية حزام بغداد مئات آلاف العاطلين؛ لأنهم تركوا منازلهم ومناطقهم وفرص عملهم ووظائفهم، للنجاة بأنفسهم وخلاص أرواح عوائلهم وأبنائهم، وصيانة أعراض نسائهم من الاعتقال والانتهاكات. و ـ نتج عن التهجير مئات آلاف الشباب والفتيان دون تعليم، لاضطرارهم للعمل بأبسط ما يعينهم على تلبية احتياجات أسرهم نيابة عن والدهم المعيل الذي فقد فرصة عمله ووظيفته، وبالتالي حقّقت الحكومة الطائفية مشروع تجهيل أبناء أهل السنة من مناطق حزام بغداد، وحرمانهم من التعليم. هذا بعض الإجمال عما جرى ويجري في أقضية حزام بغداد، وعموم المحافظات السنيّة، بشكل موجز وبلمحات سريعة، وجميع ما ذكرناه يكون صفة عامّة وواقعة على جميع أقضية حزام بغداد، وكذلك الحصوة والإسكندرية والمسيب، وجرف الصخر، والصويرة وناحية إجبلة، وباقي المحافظات السنية. أحداث تفصيلية لمشروع التغيير الديمغرافي في جنوب بغداد والمدن التي لها حدود معها: ننتقل إلى ذكر تفاصيل أخرى عن مناطق (جنوب بغداد امتدادًا إلى شمال بابل) بجهة مستقلة، وهذه الدراسة تشمل مناطق (قضاء المحمودية، وقضاء المدائن، وناحية الحصوة، وناحية الإسكندرية، وناحية جرف الصخر، وقضاء المسيب، وناحية إجبلة شمال غرب واسط، وقضاء الصويرة شمال واسط) من ناحية الموقع الجغرافي من العاصمة بغداد، والتركيبة السكانية والوجود العشائري، والحالة الاقتصادية، وما جرى ويجري عليها من مآسي ونكبات ضد سكان هذه المناطق كل على حدة. وقد شملت هذه الدراسة مناطق من محافظتي (بابل، وواسط) باعتبار صلتها القريبة جدًا من جنوب بغداد، ولها حدود مع العاصمة بغداد، وأنها تعدُّ منطقة واحدة، ورقعة جغرافية تتّخذ طابعًا اجتماعيًّا واحدًا وتوجّهًا دينيًّا واحدًا، وأنها تأبى الخضوع لمشاريع التغيير الديمغرافي.. وباعتبار خضوعها لنفس الأساليب القمعية والتطهير الطائفي الإجرامي، وأن كل ما يجري فيها يعزِّز تنفيذ مشاريع التطهير الطائفي والتغيير الديمغرافي.. وأنها تشكِّل عائقًا وسدًّا منيعًا وممانعًا بوجه النفوذ الشيعي والخضوع للهيمنة الإيرانية. أولًا ـ قضاء المحمودية جنوب العاصمة بغداد: يعد قضاء المحمودية من أهم الأقضية استراتيجيًا في المشروع الشيعي إضافة إلى قضاءي (المدائن، وأبو غريب)، وقضاء المحمودية بوابة المحافظات الجنوبية في زحف المد الشيعي تجاه العاصمة بغداد، ومنه تمر سبعة محافظات شيعية إلى بغداد، وهو نافذة تحقيق مشروع أن تكون بغداد مركز القرار الشيعي، ومهد انطلاق مشروع تشييع العراق باتجاه غرب العاصمة نحو المحافظات الغربية من بوابة قضاء (أبو غريب).. ولذلك جرى التركيز عليه في المشروع الشيعي وحملات التطهير الطائفي القمعي من أول عام (2004) ولغاية اللحظة. يبعد مركز قضاء المحمودية عن العاصمة بغداد ما يقارب (30) كيلومتر، ويقع جنوب العاصمة بغداد، ويحاذي من جهة الجنوب محافظتين وهما (بابل، و واسط).. ومن جهة الغرب يحاذي محافظة الأنبار.. ويضم القضاء أكثر من (300) جامع منتشرة في مركز القضاء والنواحي الثلاث المترامية الأطراف. وفي مناطق مركز قضاء المحمودية ـ فقط ـ يوجد (جامع المحمودية الكبير، والمصطفى، والأمين محمد، و 14/ رمضان في حي الموظفين، وبلال، والتيسير، والرحمن، ومائدة الرحمن، والجهاد، والنور المحمدي، والدليم في منطقة أبو شمع).. وأغلب هذه الجوامع مغلقة ولا يوجد فيها أذان ولا صلوات جمعة ولا جماعة، ويمنع فيها أداء صلاة العيدين، ما عدا جوامع (مائدة الرحمن، والجهاد، والدليم) فيها أذان لكنها خالية من المصلين، لأن الميليشيات تترصد كل من يصلي في الجوامع وتقوم باغتياله.. كما اغتصبت الميليشيات جامع (الربيعي) وحوّلته إلى حسينية، وعائديته للوقف السني. وفي مركز القضاء حدثت جرائم إبادة وحشية ومروّعة نتج عنها قتل أكثر من (2000) ألفي شاب سنّي في سنة واحدة، وتم دفنهم في مدافن موزعة في أطراف مناطق القضاء وفي مقرات الوحدات العسكرية الحكومية ومقرات الميليشيات وفي الدور المهجورة وهياكل المصانع، وهي محددة ومعروفة،، وهذه ومثيلاتها في أغلب المحافظات السنية يجب أن تقدَّم للعدالة الدولية لتدويلها، ومحاسبة الجناة ـ لأن اغليهم من السياسيّين الشيعة النافذين ـ وإدانتهم بالإرهاب "إن كانت هناك عدالة دولية". يضم قضاء المحمودية ثلاث نواحي، إضافة إلى مناطق مركز المدينة، وهي: اللطيفية، والرشيد، واليوسفية (القصر الأوسط).. وجميع النواحي تعرّضت إلى مثل ما تعرضت له مناطق مركز القضاء، وفي بعضها أشد. الإمكانات الاقتصادية المعطّلة: يمتلك قضاء المحمودية عبر مساحاته الواسعة مصانع كبيرة ومعامل ومناطق صناعية، تم تعطيلها كي يحرم أهالي القضاء من الانتفاع منها وتحسين قدراتهم المعيشية وأحوالهم المادية، ومحاولة منع تقوية الوجود السني، وهذه المصانع والمعامل والمنشآت. إضافة إلى الدوائر الحكومية الكبيرة، هي: 1 ـ جميع مقرات ومباني الدوائر الحكومية الرئيسة والمركزية، من: (الشرطة، والقضاء، والماء والمجاري، والكهرباء، والتربية، والاتصالات والبريد، والمصارف الحكومية والأهلية، والمجلس البلدي، والمعاهد الحكومية). وهذه تم تسليمها بإدارة قادة عصابات في ميليشيات الأحزاب الحاكمة ليتحكموا بها ويخضعوها لإرادة عصاباتهم واستخدام وارداتها لتمويل عصابات الميليشيات بعلم السياسيّين، وتم جعلها مرصدا لاصطياد مراجعي الدوائر من أهل السنة لاختطافهم وقتلهم بأبشع أساليب القتل وأشدّها وحشية. 2 ـ معمل الدراجات الهوائية والأنابيب المعدنية، والذي يعد من المعامل الكبيرة في الشرق الأوسط، ولم يتعرّض للضربات ولا للنهب، ولكن تم تعطيله منذ أول قدوم الاحتلال، ولم يتم تفعيل مصانعه وورشه، كي لا يستفيد أهالي القضاء من أهل السنة منه، وبالإمكان أن تعمل فيه آلاف الأيدي العاملة. 3 ـ منشأة بدر العامة، في ناحية الرشيد، وهي منشأة كبيرة جدًا كان يعمل فيها آلاف من موظفي التصنيع العسكري، وتعرضت بعض مبانيها للقصف، وأغلب منشآتها ومصانعها عامرة وقائمة وتم تعطيلها كذلك، وتحويل بعض موظفيها على منشآت حكومية أخرى. 4 ـ منشأة القادسية العامة، في ناحية اليوسفية (القصر الأوسط) وهذه لم تتعرض لعمليات القصف ولا للتخريب أو النهب، وتم حرمان أهالي القضاء من أهل السنة من الاستفادة منها. 5 ـ معمل الخياطة والصناعات النسيجية ألــ(R.M.C) في مركز قضاء المحمودية، وكان يعمل فيه آلاف الموظفين وتم إنهاء خدماتهم ولم يتم نقلهم إلى أية وظائف حكومية وأصبحوا عاطلين عن العمل دون رواتب. 6 ـ سايلو المحمودية الكبير، في مركز قضاء المحمودية، وهو عبارة عن مخازن كبيرة للحبوب، وتم تعطيله كذلك، ولا يتم الاستفادة منه. 7 ـ الشركة العامة لإنتاج اللحوم والمحاصيل الزراعية، على الطريق العام، بين ناحية الرشيد ومركز قضاء المحمودية، وكان يعمل فيها مئات الموظفين، وتم إنهاء خدماتهم دون تحويلهم إلى دوائر حكومية أخرى، وأصبحوا عاطلين عن العمل. 8 ـ المنشأة العامة للطرق والجسور، وهي من المنشآت الحكومية لتي لم يتم الاستفادة منها بشكل أمثل. 9 ـ عشرات المعامل المتوسطة والصغيرة، تعود للتجّار والمستثمرين السنة، ولكنها حوصرت وتم التضييق على أصحابها وتهديدهم، مما أدّى بها إلى التعطيل. التركيبة السكانية لقضاءي المحمودية والمدائن، ومعالم مشروع التغيير الديمغرافي: أولًا ـ قضاء المحمودية: يبلغ عدد السكان في المركز (116606) نسمة (مدينة وريف) .. أما في كل القضاء (550000) نسمة وفق إحصائية سنة (2004) الصادرة عن (لوزارة التخطيط)، ونسبة السُنّة 85% (انتخابات كانون الأول 2005 أنموذجًا)، والقبائل الكبيرة مع العشائر المتفرعة منها والبارزة في المنطقة، هي: (الجنابيين، والغرير، والسعيدات، والجبور، والعُــبَــيْـد، والحمير، والدليم، والعيثاويين، والشريفات، وشمر).. وكلها قبائل سُنّية بكل تفرعات عشائرها الكبرى، أما المساحة فهي تبلغ 1349كم2، وهو ما يعادل مساحة العاصمة بغداد كلها (بغداد الصغرى). ويمر طريق "السياحة الدينية" الشيعية (الزيارة) بالقرب من كل نواحي المحمودية، وأطلق عليه إداريًا وحسب توجيه الحكومة الطائفية في بغداد اسم الطريق بدءًا من الدورة جنوب بغداد ووصولًا إلى كربلاء اسم (طريق يا حسين)؛ لتكريس المشروع الطائفي.. ويخترق مناطق مركز قضاء المحمودية وناحيتي الرشيد واللطيفية، ولذا فإن تأمينه في النواحي يكون من خلال فرض سيطرة مكثفة عليه.. أما بالنسبة للمركز، فالسيطرة لوحدها لا تكفي، لأن الطريق يخترق المدينة، وهذا يستلزم تغيير شكل المدينة أصلًا، وقد تم هذا التغيير حسب خطوات واسعة وكثيرة، يمكن تلخيصها وفق التسلسل التاريخي بالآتي: 1 ـ إظهار الشعائر الشيعية في المناطق المستباحة طائفيّاً بصورة كبيرة جدًا لا تتناسب مع حجم وجودهم الحقيقي داخل المدينة، وشملت هذه الشعائر تغيير أسماء الأحياء والشوارع والمدارس، إضافة لنشر اللافتات الطائفية بصورة (شبه إلزامية) على معظم محلات السوق، وكذلك فتح مكبرات الصوت في حسينياتهم بالمقاتل أو النواح أو المحاضرات الاستفزازية وبأصوات مرتفعة وعلى مدار اليوم والليلة طيلة (24) ساعة.. إضافة إلى فتح العديد من الحسينيات الجديدة ومكاتب للصدر والدعوة والمجلس الأعلى. هذا ما حصل في بداية الاحتلال وفي الأيام العادية (الخالية من المناسبات)، أما في محرم فقد أغلقت الطرق وبدأت المقاتل (الشعائر الحسينية) في الشوارع وعلقت الرايات الطائفية الملوّنة في كل مكان. 2 ـ التهديد والوعيد لرموز أهل السُنّة وشيوخ المساجد.. فقد هدروا دم بعض المشايخ وجعلوا مكافآت مقابل قتلهم، وخرجوا في مظاهرات للمطالبة بقتل بعض رموز السُنّة واتهموهم بأنهم (إرهابيون، ونواصب، وتكفيريون، وصداميون)، كما حصلت الكثير من التهديدات والترهيب والمضايقات لمرتادي الجوامع في المدينة. 3 ـ بدأت السيطرة على مؤسسات الدولة في المنطقة، فقد فرضوا سيطرتهم على المستشفى العام والدوائر الحكومية الأخرى (فأصبحت تُدار من قبل السيد المعمم الحوزوي) وجاءت بعض الشخصيات ممن كانوا موجودين في إيران منذ عشرات السنين، وأصبحوا يمثلون المجلس البلدي ودوائر الدولة ومراكز الأحزاب الشيعية الموجودة في المدينة، وكانت هذه المرحلة تتم من قبل كوادر فيلق بدر وحزب الدعوة. بعد تسلم الجعفري رئاسة مجلس الوزراء في سنة (2005).. وكانت فترة حكمه قد شهدت رمي أكثر من (400) جثة من أهل السنة في بغداد والأقضية المحيطة بها يوميًا، بدعم من مكاتبه وحماياته، وبرضىً أمريكي، وقد بدأت في المحمودية مرحلة جديدة من محاولات السيطرة على القضاء، وذلك عبر الاعتقالات الواسعة لأهل السُنّة من قبل القوات الأمريكية والهجمات وحملات الاعتقالات واختطاف المئات من قبل قوات الحرس الوطني وهي عبارة عن ميليشيات تم لملمتها من الشوارع إلى مقرات حكومية؛ وهم من سائبي الشوارع ومتسكعي الخمارات ومرتكبي جرائم القتل وقطع الطرق والسرقات وزنا المحارم، فضلاً عن قطع الصلة بين نواحي القضاء ومركزه، مما أضعف التواصل السُنّي بين الريف والمدينة، ولم يكن هناك في بادئ الأمر وجود حقيقي للحرس الوطني على الرغم من وجود مقر قواتهم العسكرية الحكومية هناك، ولكنه كان لا يقوى على الظهور بشكل واضح. 4 ـ بدأت حملة (البرق) من قبل مغاوير الداخلية بداية صيف سنة (2005)، باعتقال أكثر من (300) شخص من أهل السُنّة في مركز القضاء فقط، تلتها حملات عديدة استهدفت روّاد المساجد والأسر السُنّية المتدينة، ونتج عنها اعتقال المئات، وأخذت هذه الحملات الممنهجة تجري بشكل شبه يومي وينتج عنها اعتقال المئات من الأشخاص الذين لهم تأثير ديني ومجتمعي واضح، مما فتح الضوء لأول مرة لموجات من هجرة الأفراد أو الأسر السُنّية من داخل مناطق مركز القضاء، ثم بدأت حملات اعتقال قوات الداخلية وفرق الموت.. وعلى سبيل المثال، فإن إحدى الحملات اعتقل فيها (12) شخصًا من مجمع القادسية، وأغلب المعتقلين من طاقم إذاعة دار السلام ولم يعرف مكانهم إلى الآن.. وفي أغلب الحملات الممنهجة يجري اعتقال أئمة وخطباء الجوامع السنية مع الكوادر الإدارية للجوامع وأغلب مصلّي الجوامع. هذه الحملات لوحدها لم تكن كافية لتغيير وجه المنطقة، لأنها متقطعة ولا تستطيع السيطرة على الأرض، مما فتح صراعًا واسعًا داخل منطقة المحمودية. واتسعت عمليات الميليشيات والقوات الحكومية الشيعية في أغلب مناطق مركز قضاء المحمودية والنواحي التابعة لها بالهجمات الممنهجة وحملات الاعتقالات والاختطافات، حتى تم تهجير أعداد كبيرة من العوائل السنية من مناطق مركز القضاء إلى النواحي السنية المحيطة بمركز القضاء ومحافظات سنية أخرى، ونتج عنها اختطاف ألفي شخص خلال السنوات الأخيرة وتم قتلهم وتصفيتهم ودفنهم بمقابر جماعية تتوزع في أغلب مناطق مركز قضاء المحمودية وعلى مقربة من مقرات ميليشيات الحشد الطائفي، وفي مناطق ومنازل مهجورة، ولا يتجرأ أي شخص أن يقوم بالتنقيب على هذه المقابر الجماعية وفتح ملفاتها لأنه سيتعرّص للاغتيال حتمًا. ثانيًا ـ قضاء المدائن: وهو من الأقضية المهمة المحيطة بالعاصمة بغداد، ويبعد عن العاصمة (30) كيلومترًا جنوب شرق العاصمة بغداد، وتمثل نسبة السنة فيه أكثر من (95%)، وتعرّض إلى حملات ممنهجة للتطهير، وتم شن هجمات واستهداف جوامع القضاء حرقًا وتدميرًا، كما تم استهداف أهل السنة فيه بحملات الاختطاف والاعتقالات والاغتيالات. قضاء المدائن هو الحزام الجنوبي الشرقي لمدينة بغداد حيث يعد أحد العقد العسكرية والاستراتيجية التي تحيط ببغداد، وتعد هذه العقدة من الأهمية بمكان؛ لكون الذي يسيطر على تلك العقد يحكم سيطرته على العاصمة بغداد، وكما هو معروف أن المناطق التي تحيط ببغداد عبارة عن حزام عشائري سني فرض نفسه بقوة ومنع من زحف التمدد الشيعي باتجاه العاصمة. وكل الذي جرى في المدائن تم تنفيذه بتعتيم شديد، ويمثّل قضاء المدائن إحدى مرتكزات المشروع الشيعي الإيراني في العراق بما يمثله من إرث تاريخي "فارسي"، وهو وجود آثار (طاق كسرى)، وقد كان محط أنظار الإيرانيين مع أول احتلال العراق، وقد عرضت إيران على وزارة الخارجية في العراق إعادة ترميم آثار (طاق كسرى) للمحافظة عليه باعتباره أثرًا من آثار أجدادهم. ويسكن المدائن قبائل (الدليم، والشجيرية، والجبور، والشريفات، وشَــمّــر، والفلاحات، والنعيم) وهي كلها قبائل سنية، وتم استهدافها بعمليات الاغتيالات والتهجير الطائفي. وفي المدائن منشآت حكومية كبرى من أهمها (منشأة الطاقة الذرية) لم يتم الاستفادة من مبانيها لتحويلها إلى منشأة مدنية لتشغيل العاطلين من أهالي القضاء.. ومصانع أخرى كبيرة يمكن أن يعمل فيها آلاف الموظفين. القسم الثاني مناطق ذات تماس وصلة وثيقة بجنوب بغداد لكنها تخضع إداريًّا لمحافظات أخرى هي المنطقة الجغرافية الواقعة جنوب بغداد في منطقة حوض نهر الفرات، وهي مناطق لها حدود مع العاصمة بغداد، وتعد أخصب بقعة في العراق تضم قضاء المسيب، وناحية جرف الصخر المنكوبة، وناحية القرية العصرية (الحصوة)، وناحية الإسكندرية. هناك مشتركات كثيرة بين أهل السنة في هذه المناطق؛ حيث تكاد الصورة والمشاهد المجتمعية تتكرر أيضا في جميع هذه المناطق. توصيفات عامة ومشتركات: 1 ـ غالبيتهم من عشائر عربية معروفة لها امتداداتها وعمقها مع محيطها العربي والإسلامي، وتوجد نسبة قليلة لا تكاد تذكر من الأكراد الذين رحلوا في عام 1970 إلى مناطق الفرات الأوسط. 2 ـ مجتمعاتهم تكاد تكون نخبوية؛ فقلما تجد من أهل السنة لم يكمل تعليمه على أقل تقدير الدراسة المتوسطة، بخلاف عامة الشيعة، ولذلك فإن أغلبهم كانوا في وظائف حكومية وهذا كان سببًا جوهريًا في نزوحهم نحو التعلم ولذلك تضرروا كثيرًا بعد الاحتلال، فكثير منهم أقصي من وظيفة بحسب قانون "اجتثات البعث" الذي يطبق بمعايير مزدوجة؛ فالشيعي لا يقصي؛ بحجة أن الأحزاب الشيعية هي من دفعته للانتماء إلى البعث، وبالتالي لا يعتبر متأثرًا بالفكر، أما السني فلا يوجد من يدافع عنه، ولذلك أحد أسباب الهجرة من هذه المناطق فقدان فرصة العمل فيها، وفقدان الوظيفة . وتوجد ميول لأهل السنة في ممارسة التجارة والأعمال الحرة كون مصادرها متذبذبة فهو يريد ميزانية ثابتة يتكيف من خلالها، وهذه الثقافة فيها قصور كبير ولم يتم معالجتها كون أهل السنة ليست لهم ناظم يناغم حركاتهم وينسقها. 3 ـ الجانب الأمني: أ ـ أهل السنة في هذه المناطق وبحسب التصور لدى أجهزة الحكومة الطائفية بأنهم متهمون حتى تثبت براءتهم، خلافًا لكل القواعد القانونية المعروف إذ الأصل فيها أن المتهم بريء حتى تثبت أدانته، إلا أهل السنة فإنهم متهمون ابتداءً. ب ـ كل سني في نظرهم هو "وهّابي، ناصبي، بعثي، تكفيري". ت ـ عند حصول أي حادث، فإن الأجهزة الأمنية الحكومية تضع في مقدّمة مهامّها بأن توجه الاتهام لفاعل سني حتى يثبت العكس، هذا إذا ثبت مع العلم كثير من الجرائم تقع تحت مفهوم الاغتيالات السياسية التي تحصل بينهم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر عملية اغتيال مدير شرطة بابل (قيس المعموري) صاحب مجزرة الزركة وغيرها من المجازر؛ حيث تم التخلص منه لإخفاء هذه الملفات وكذلك اغتيال العقيد (سلام المعموري) قائد قوات العقرب الذين فجروا مكتبه في داخل مديرية شرطة بابل. ث ـ عند حدوث أي تفجير يتم اعتقال مجموعة من السنة وبطريقة عشوائية؛ حيث يتم اعتقال الناس المتواجدين في الأسواق بناءً على اللقب المثبت في هوية الأحوال المدنية، أو بناءً على الهدي الظاهر على الشخص، ويتم وضعهم في سيارات مكشوفة مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين، ويتم الاستعراض بهم داخل المحافظة على أنهم هم الجناة وينهال عليهم الناس بالضرب والسب والشتم وشتى أنواع التنكيل وكل هذا يصور وينقل عبر قنواتهم الفضائية. ج ـ تقوم الأجهزة الأمنية بعملية عرض اعترافات غير صحيحة مبنية على وعود للمعتقلين بإخراجهم بمجرد الاعتراف بجرائم لم يفعلوها؛ وتحت ذريعة غلق التحقيق أمام قياداتهم الأمنية العليا، والحقيقة هي حتى تدون أقوالهم، ومن ثم يتم عرضها عبر شاشات فضائياتهم، في القنوات الفضائية الطائفية، مثل: (العراقية، والفرات، وبلادي، والمسار، والفيحاء، وآفاق)، مع عملية الفبركة الواضحة جدًا من خلال تلقين المذيع للمتهم، وما يبنى على ذلك أنه سيتم محاكمته ومن ثم تذهب الميليشيات إلى عائلته لتقتل وتسلب وتنهب. ح ـ أغلب أهل السنة المتهمين بقضايا قتل لا يوجد فيها المدعي بالحق الشخصي بمعنى لا يوجد من أهل القتيل المزعوم من يطالب بدم بدعوى قضائية والسبب أنه حقيقة لا يوجد قتيل؛ لأن قسمًا من المعتقلين من شدة التعذيب يعترف بقتل أصدقاء له، وهم على قيد الحياة، ولكن هؤلاء يحاكمون بعد ذلك خلافًا لكل قواعد القانون. 4 ـ الجانب الاقتصادي لأهل السنة تعرض إلى تدمير كبير عبر وسائل كثير منها: أ ـ فقدان العمل والوظيفة. ب ـ الابتزاز من قبل الميليشيات الشيعية عبر خطف الأبناء أو من أجل إطلاق سراحهم، وبعد أن يتم دفع الفدية يجد المواطن من أهل السنة أن أبنه الذي دفع من أجله فدية ـ وفي أقل التقديرات لا تقل عن (100,000) مئة ألف دولار ـ ليجد بعد ذلك ـ ابنه جثة ممزقة الأشلاء والأوصال لا تخلو قطعة منها من تعذيب ملقاة في مكب النفايات. ت ـ الابتزاز من قبل القوات الحكومية التي تعتقل أهل السنة وفق المادة (4) من قانون رقم (15) والمسمى قانون مكافحة الإرهاب، ولا توجد أسرة وخاصة من أهالي (الإسكندرية، وجرف الصخر، والحصوة، واجبلة، والصويرة)، تخلو من واحد أو اثنين من أفرادها إلاّ وهو مسجون وفق هذه المادة، والتي أصبح القاصي والداني يتندر بها ويسميها (4 ـ سُنَة). فيتم ابتزازهم من خلال مجموعة من حراس السجن أولا حتى يخفف عنه التعذيب، ومن ثم من قبل المحقق حتى لا يدون أقواله التي أكره عليها، ومن ثم إلى المحامي الذي سينسق مع القاضي، وبعد أن يحكم القاضي ببراءته تأتي مرحلة الابتزاز الأخرى؛ حيث يدون القاضي عبارة (يطلق سراح المتهم لعدم ثبوت الأدلة ما لم يكن مطلوبًا إلى جهة أخرى)، وليس عبارة (يطلق سراح المتهم لعدم ثبوت الأدلة ما لم يكن محكومًا على قضية أخرى) كما هو متعارف عليه، وهذا يقتضي أن تجيب كل محاكم العراق ومديرات الشرطة بأنه غير مطلوب لها بقضية أخرى. وبعد نهاية هذه المرحلة تبدأ عملية ابتزاز من قبل ضباط التحقيق الذين بأيدهم الملف حتى يفرج عنه، وفي أغلب الأحيان يكون هؤلاء الضباط من إحدى الميليشيات، فيأخذون المال، ويقومون بإخبار الميليشيات بموعد إطلاق سراحه في (الزمان، والمكان)، وبعد أن يخرج هذا المسكين، وبدل أن يعود لأولاده وأسرته، فإنه يتعرّض للاختطاف من قبل الميليشيات وأمام انظار القوات الحكومية، فيطلقون عليه رصاصات الغدر ويهوي جثةً هامدةً، وقد تكررت هذه الحالة مئات المرات في مناطق متفرقة. مع مصادرة الممتلكات بدءًا من السيارات الخاصة إلى المصوغات الذهبية والأموال النقدية، وهذا ما يحصل أثناء عمليات الدهم؛ حيث تعتبر هذه في نظرهم وربما بفتوى من مراجعهم على قاعدة الخميني: (خذ من أموال الناصبي وأدفع لنا الخمس)، وبالتالي سرقة كل ما هو ثمين، أما إذا كان البيت خاليًا من السكان أثناء المداهمة فيتعدى الأمر إلى الثلاجة والتلفاز وأجهزة الكومبيوتر وغيرها. علمًا أن هذه المداهمات لا تحصل بأمر قضائي، بمعنى خارج إطار القانون. ج ـ التضييق عليهم في مصادر العيش، والخوف ـ أيضًا ـ دفع الكثير من أهل السنة إلى التوقف عن ممارسة كثير من الأعمال، فعلى سبيل المثال نجد أن الكثير من الأراضي الزراعية أهملت لعدم إمكانية الاهتمام بها ولعدم إمكانية تسويقها فضلًا عن توفير مستلزماتها، مما جعل الكثير منهم يقتات على ما كان مخزونًا ومدّخرًا من المال، وعلى منتوج الحيوانات التي يربيها. ح ـ الحصار المفروض على المناطق السنية بحجة تنفيذ الخطط الأمنية، جعل الأحياء التي يسكنها أهل السنة عبارة عن سجن كبير المساحة، زيادة على محاربتها عن طريق قطع ماء الشرب والكهرباء وكذلك الخدمات الطبية والمواد الغذائية. 5 ـ الجانب الاجتماعي: بناءً على ما تقدم.. لابد للجانب الاجتماعي لأهل السنة أن يتأثر تأثّرًا مباشرًا بالجانب الأمني والجانب الاقتصادي ويتمثل هذا في: أ ـ زيادة عدد الأرامل، وفي إحصائية لهذه المناطق نجد أن جل الأرامل أعمارهن تتراوح بين (18 ـ 25) سنة. وهذا يؤدّي إلى أن يؤثِّر تأثيرًا سلبيًّا سواء على المجتمع أو على الأفراد. ب ـ زيادة عدد الأطفال الأيتام، وهناك أرقام مخيفة ومهولة في إحصاءات الأيتام في مناطق السنّة، وهذا يؤدي إلى صعوبة توفير الرعاية الكاملة لهؤلاء من جميع نواحي الحياة؛ لقلة ذات اليد عند العوائل التي تعيلهم، ما جعل الكثير منهم يعمل لتوفير لقمة العيش لعدم وجود المعيل أو الكفيل أو وجود مشاريع رعاية اجتماعية، فإن الحكومة الطائفية سخرت أموال الشؤون الاجتماعية إلى ضحايا عام 1991 أو ما يسمى (بالانتفاضة الشعبانية)، أما عوائل أهل السنة فلا شيء لها. ت ـ كثير من العوائل بلا معيل؛ نتيجة سجن أو تغييب رب الأسرة في السجون والمعتقلات، ومنهم من مضى عليه أكثر من عشر سنوات دون محاكمة، وبالتالي بدأت هذه العوائل بتشغيل أطفالهم بأعمال تؤثر على صحة الأطفال وسلوكهم، وهذا سيكون له تأثير سيء في التنشئة وفي السلوك. فضلًا عن أن هذه الأسرة ستتوقف عن الإنجاب، وبالتالي سيكون له أثره الواضح والمقصود في المستقبل في تغيير النسب السكانية في عموم مناطق العراق، وهذا يعدّ من أشد الأدوات فاعليّة للتغيير الديمغرافي. ث ـ العزوف عن الزواج بسبب عدم الاستقرار أولا، ثم انعدام فرص العمل والتوظيف الحكومي لأسباب طائفية، وهذا سيؤثر مستقبلاً في انعدام تنامي أعداد أهل السنة، ويسهم في زيادة نسبة العنوسة بين الفتيات للأسباب المتقدمة. التركيبة السكانية للمناطق المتاخمة لجنوب بغداد، ومعالم مشروع التغيير الديمغرافي فيها: يتوزع أهل السنة على الأقضية والنواحي المتاخمة لمناطق جنوب بغداد، والتي تخضع إداريًّا لمحافظات أخرى بنسب متفاوتة، وحسب التسلسل التالي: أ ـ قضاء المسيّب: يشكل هذا القضاء أكبر تجمع لأهل السنة في محافظة بابل ـ الأقرب على العاصمة بغداد ـ وخاصة في نواحي (الإسكندرية، وجرف الصخر، والقرية العصرية "الحصوة"). أولًا ـ ناحية الإسكندرية: تمتاز مدينة الإسكندرية بموقع استراتيجي في وسط العراق، فهي تحد أربع محافظات عراقية، ولها حدود مباشرة مع محافظة بغداد العاصمة من جهتها الشمالية، حيث كانت تابعة لها سابقًا، من الجنوب تحدها محافظة بابل حيث تتبع لها حاليًا من الناحية الإدارية عن طريق قضاء المسيب. ومن الجهة الغربية تحدها محافظة الأنبار حيث يفصلها عن هذه المحافظة نهر الفرات، أما من جهتها الشرقية فهي تتصل مع محافظة واسط عن طريق أراضي زراعية كثيفة. وتعد مدينة الإسكندرية بوابة وسط العراق نحو الجنوب. فهي تقع على مفترق طرق، حيث تربط بغداد مع كل من مدينتي بابل وكربلاء، لذلك فهي المحطة الرئيسة لمرور المواصلات، ونقل البضائع التجارية. تحوي مدينة الإسكندرية على أكبر المنشآت الصناعية في العراق. حيث تم وضع الحجر الأساس لأغلب هذه المنشآت الصناعية الكبيرة وهي: ـ المنشأة العامة لصناعة السيارات. ـ المنشأة العامة للصناعات الميكانيكية. ـ منشأة المحطة الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية، (وهي ثاني أكبر محطة توليد للطاقة الكهربائية في العراق). ـ منشأة حطين العامة (التي تم تفكيكها بعد غزو واحتلال العراق 2003م، إذ كانت تستخدم لأغراض التصنيع العسكري). ـ منشأة المحطة الغازية لتوليد الطاقة الكهربائية (مجاورة للمحطة الحرارية الحالية). يوجد في هذه المدينة (14) جامعًا لأهل السنة، والجوامع التي تقام فيها الصلاة الآن (4)، وهي (جامع الإسكندرية الكبير، وجامع المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد، والأنوار)، و (3) جوامع تم منع أداء الصلوات فيها، وهي: (حطين، وعبد الله الجبوري، والفاروق). وقامت الميليشيات الشيعية بتفجير (7) جوامع، وهي: (إبراهيم الخليل، والرحمة، والخلفاء، والرؤوف الرحيم، واسماعيل الذبيح، والقادرية، ورياض الصالحين)، وتم منع أداء الصلوات الخمس والجمع والعيدين فيها، بسبب سطوة الميليشيات.. وتم اغتيال أغلب أئمة وخطباء الجوامع والكوادر الإدارية فيها. أكثرية أهل السنة في هذه المناطق ينتمون إلى القبائل والعشائر الآتية: (الجبور، الجنابيّين، الخنافسة، البوبدران، جميلة، الدليم). أما العشائر الشيعية في هذه المنطقة: (خفاجة، والمسعود).. والميليشيات المتنفذة في هذه المنطقة، هي: أ ـ العصائب. ب ـ حزب الله تنظيم العراق. ت ـ ميليشيا الصدر بكل مسميّاتها (جيش المهدي، سرايا السلام). ث ـ بدر. ج ـ جماعة الفضيلة. أكثرية أهل السنة من الطبقة المتوسطة، ومعظمهم يشغل الوظائف الحكومية؛ كون طبيعة المنطقة الصناعية تشكل عاملًا مهمًا في إيجاد فرص عمل، وغالبيتهم من الشريحة المثقفة.. ليس كالشيعة فقلما تجد من أهل السنة من يمتهن المهن الوضيعة في هذا المجتمع. كانت الهجمة عليهم هجمة كبيرة جدًا؛ بسبب الموقع الجيوستراتيجي لناحية الإسكندرية، كونها تشكل عامل ربط بين بغداد ومحافظات (كربلاء، والنجف، وبابل)، ولها حدود مع الفلوجة من جهة أخرى.. وبالتالي فهي منطقة في منظورهم يجب أن تؤمن من إيجاد حلقة دائمة التواصل مع بغداد من خلال التغذية العكسية بينهما، ومما يجدر الإشارة إليه أن (كريم ماهود المحمداوي) أمين حزب الله فرع العراق والذي كان أحد اعمدة مجلس الحكم الذي أنشأه (بول بريمر) الحاكم المدني صرح قائلًا:" قلت لبريمر إذا أرادت أن تكون فتنة عرقية شرارتها ستكون كركوك، وإذا أرادت فتنة طائفية فشرارتها في الإسكندرية". ولذلك قلما تجد عائلة سنية لم تنل نصيبًا من فقدان أحد أبنائها بالقتل والخطف والتغييب القسري. أما التهجير فإن الأغلب هُجِّروا من أهلها بعد عام 2006م، متجهين صوب المحافظات السنية. أدركت القوات الأمريكية الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة ولذلك شكلت منطقة واحدة وبقيادة أمريكية موحدة (FIM) وهي مختصر للمناطق الفلوجة والمحمودية والإسكندرية والتي تحيط ببغداد إحاطة السوار بالمعصم. 2 ـ ناحية جرف الصخر المنكوبة: ناحية تبعد حوالي (60) كم جنوب غرب العاصمة بغداد وشمال مدينة المسيب على بعد (13) كم، تتكون الناحية من مقاطعات زراعية عدة وهي كبيرة وواسعة؛ وهي: (الفاضلية، والرويعية، والبوجنديل، والباج الشمالي، والباج الجنوبي، والحجير، والفارسية، والفاضلية، وصنيديج، وهور حسين، والبوبهاني، والعويف). منطقة جرف الصخر ـ اليوم ـ منطقة مغلقة عسكريًّا، لا يمكن أن يدخلها أحد من أهل السنة، ولا يعلم أحد ما الذي يجري فيها، سوى أن هناك أشخاصًا غرباء يدخلون إلى مناطقها لاغتصاب ونهب ثمار بساتينها وبيعها في الأسواق، وهناك معلومات مؤكدة بأن المدارس التي تنتشر في مناطقها قد تم تحويلها إلى معتقلات وسجون سرية يديرها أفراد من الحرس الثوري الإيراني لا يتدخل أي مسؤول حكومي بعملهم.. وما بعد مناطق جرف الصخر مناطق نفوذ ميليشيات غريبة، ويتم تخزين مختلف أنواع الأسلحة فيها، وتم منع الأهالي من العودة إليها بأمر من "قاسم سليماني"؛ لما تخفيه تلك المناطق من تحركات عسكرية وانتشار ميليشيات إرهابية تخطط لاستهداف دول الجوار العراقي... وكل من يحاول من المسؤولين وشيوخ العشائر المطالبة بعودة الأهالي إليها فإنه يتم تصفيته واغتياله. ترتبط جرف الصخر بجغرافية منبسطة مفتوحة مع ناحيتي (اللطيفية، واليوسفية) من جهة العاصمة بغداد، ومع ناحية الإسكندرية من محافظة بابل، وترتبط أيضًا مع مدينتي (الفلوجة، وعامرية الفلوجة) في محافظة الأنبار ومع العديد من مناطق الأنبار وتشكل الجناح الشرقي لقضاء الفلوجة. أكثريتها من أهل السنة توجد فيها بعض العوائل الشيعية من متطوعي الجيش السابق والذين يسكنون منطقة الحامية والحي العسكري فيها. أكثرية السنة فيها ينتمون إلى عشيرة الجنابيين بأفخاذها السبعة المعروفة، وبعد تنفيذ عملية (عاشوراء) التي قامت بها قوات الحكومة، بدأت يوم 24/10/2014 وشاركت فيها فصائل الحشد الشعبي الإرهابي، من: ( كتائب حزب الله، ومنظمة بدر، وعصائب أهل الحق، وسرايا السلام)، وميليشيات قدمت من إيران وباكستان، بإشراف مباشر من المجرم الإرهابي "قاسم سليماني"، بقيادة وزير الداخلية محمد سالم الغبان المنتسب لمنظمة بدر، وقامت ميليشيات الحشد الشعبي وبذريعة محاربة تنظيم الدولة باستباحة المدينة، وهجّرت أهلها بالكامل، وأهلكت الحرث والنسل، وجرفت البساتين والأراضي الزراعية كلها، وهدمت (27) جامعًا، بالكامل وهي: 1 ـ جامع كصب الجنديل. 2 ـ جامع شهداء الحامية. 3 ـ جامع القدس الشريف. 4 ـ جامع عثمان بن عفان. 5 ـ جامع خالد بن الوليد. 6 ـ جامع الصحابة. 7 ـ جامع الخلفاء الراشدين. 8 ـ جامع السلام. 9 ـ جامع الغفور الرحيم. 10 ـ جامع الفرد الصمد. 11 ـ جامع السيد الرفاعي. 12 ـ جامع الباج. 13 ـ جامع سعد بن أبي وقاص. 14 ـ جامع الصِدِّيق. 15 ـ جامع الفاضلية. 16 ـ جامع الحبيب المصطفى. 17 ـ جامع عبد الله بن مسعود. 18 ـ جامع الهداية. 19 ـ جامع سعد بن معاذ. 20 ـ جامع عبد الله بن الزبير. 21 ـ جامع الجنيد البغدادي. 22 ـ جامع المهاجرين والأنصار. 23 ـ جامع الزهراء. 24 ـ جامع أبو بكر الصديق. 25 ـ جامع سيد المرسلين 26 ـ جامع مكة المكرمة. 27 ـ جامع الواحد الأحد. وتم حرق الجامع الكبير في مركز ناحية جرف الصخر واتخاذه ثكنه عسكرية، ويتم رفع الأذان الشيعي فيه.. وكذلك تم تفجير بيوت الأهالي ومصادرة مواشيهم وسرقة ممتلكاتهم، ومنذ ذلك التاريخ وإلى اليوم لم يسمحوا للعوائل بالعودة إلى أراضيهم، بالرغم من تصريحاتهم بالقضاء على من سموهم بالإرهابين وبلغ عدد النازحين أكثر من (25) ألف نسمة، والغاية الأساسية هي إسكان المغتصبين من الإيرانيين الشيعة الذين جاؤوا بحجة زائرين، والذين تجاوزت أعدادهم (800) ألف إيراني، دخلوا من طريق (المنذرية ـ الكوت ـ كربلاء). 3 ـ مركز قضاء المسيب: ويوجد أهل السنة فيه على شكل أحياء متوزعة، وخاصة في المنطقة التي تسمى صوب البوحمدان، وكذلك الحي العسكري، والمناطق المجاورة لتجنيد المسيب سابقًا، وفي حي المعلمين على طريق سدة الهندية، ويوجد في مركز المسيب (4) مساجد كلها لا تقام فيها الصلوات ولا الجمعة ولا العيدين، وتم اغتيال الأئمة والخطباء فيها، وهي: (جامع المسيب الكبير، وجامع بلال الحبشي، وجامع شهداء المسيب، وجامع المتقين). 4 ـ قضاء المحاويل: يقع شمال بابل على الطريق الرابط بين (بغداد ـ بابل)، ويقع مركز قضاء المحاويل في محافظة بابل على بعد (30) كم شمالي مدينة الحلة إلى الجنوب من العاصمة بغداد. ويبعد عن العاصمة بغداد (70) كم جنوبًا، وعن مدينة الحلة (15) كم شمالاً، وحاليًا الحدود الإدارية يوجد تجمعات لأهل السنة الأول في: (قرية البومصطفى التابعة لمركز المحاويل وهم من السنة، وقرية البوعلوان وهم من أفخاذ قبيلة الدليم، وفي ناحية النيل، وفي مركز المحاويل، وفي قرية الگريعات). يوجد في القضاء (15) مسجدًا لأهل السنة، (6) منها فقط تقام فيها صلاة الجمعة وهي: (جامع أهل البيت، وجامع البتول، وجامع الحضرة، وجامع البوخضر، وجامع الغفور الرحيم)، وهذه تتبع ناحية النيل، وجامع علي بن أبي طالب في مركز القضاء على الطريق العام بين بغداد وبابل، و(6) جوامع أخرى تقام الصلوات الخمس اليومية فقط؛ لقلة عدد المصلين بسبب الظرف الأمني وهي: (سلمان الطاهر، والرحمن، وسيد صالح مصطفى الخليل، وسيد عواد، والگريعات).. وجامعان مغلقان من قبل القوات الحكومية، وهما: (جامع جنة المأوى، وجامع الصحابة الكرام).. وتم اغتيال أغلب أئمة وخطباء الجوامع والكوادر الإدارية من القرّاء والحدم والمؤذنين. 5 ـ ناحية إجبلة: وهي من الناحية الإدارية مرتبطة بقضاء المحاويل وقريبة من محافظة واسط، وفي ناحية جبلة وهؤلاء ينتمون إلى عشيرة الجنابين، ومن فخذ المحامدة من قبيلة الدليم، ومن باقي العشائر.. عدد جوامع السنة (13) جامعًا، اثنان منها فقط الآن تقام فيهما الصلوات الخمس اليومية فقط، وهما: (جامع الرسول، وجامع ابراهيم بن أدهم) وهما معرضان لمنع الصلوات فيهما في أي لحظة. و(9) جوامع أخرى مغلقة بسبب الميليشيات وهي: (جامع المهيمن، ونور الإسلام، والرحمن، وسيد الشهداء، ومصعب بن عمير، وعثمان بن عفان، وأبو بكر الصديق، والرحمن الرحيم، والواحد الأحد). وتم اغتصاب (جامع البشير) وهو جامع يقع في منطقة مشروع المسيب الكبير في التقاطع بين المشروع وطريق (بغداد ـ بابل)، وتم اغتصابه من قبل الميليشيات، وتم فيما بعد تفخيخه وتفجيره. أخيرًا كلمة نقولها في أسماع التاريخ: إن نيران الهيمنة الصفوية الشيعية أحرقت مناطق أهل السنة في العراق وأبادت أهلها ودمّرت مدنهم.. وهي مستمرة ومتواصلة وتحدث في كل يوم، والكثير من الناس بدأ يخضع للمشروع الشيعي قسرًا وجبرًا علّه يأمن على أبنائه وعرضه؛ فهل من مٌدْركٍ ومُنْجِدٍ لأهله؟!.. كما أن استعلاء إيران متصاعد يومًا بعد آخر، ونيران المشاريع الصفوية تمتد من بلد لآخر، ولن تتوقّف عند حدود بلد دون غيره، ولن يتوقف مشروع الهيمنة الإيرانية ما لم تعي الأمة مسؤوليتها وتعود إلى رشدها وتتبنّى مشروع المواجهة الحقيقي والمناسب والكفؤ ضد مشاريع "فارس".