الدكتور عبد الحميد العاني بسم الله الرحمن الرحيم تعد هيئة علماء المسلمين في العراق اليوم من أبرز القوى العراقية المناهضة للاحتلال، وقامت بأنشطة عديدة ومتنوعة لمواجهة الآثار التي خلفها الاحتلال، وسوف نتحدث في هذه الصفحات عن دور الهيئة وتجربتها في إدارة الأزمة التي نشأت بسبب الاحتلال الأمريكي، وما قدمته خلال هذه المدة منذ التأسيس الذي تزامن مع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق وحتى هذه الأيام التي توافق حلول الذكرى الثامنة للاحتلال، وقبل البدء بعرض هذه الأنشطة لابد أن نعرج على التعريف بموضوعين اثنين، الأول: التعريف بمن تسبب بالأزمة وهو الاحتلال الأمريكي للعراق، والثاني: التعريف بهيئة علماء المسلمين، ثم سننتقل بعدها لعرض ما قامت به هذه الهيئة في إطار المحور الذي نتحدث عنه. مدخل / احتلال العراق بعد سنين طويلة من الحصار الأمريكي للعراق، والذي استطاع أن ينفذه بعد الحصول على موافقة أممية وتعاون إقليمي، وبعد سنوات من رعاية أمريكا لمؤتمرات ما سمي بـ(المعارضة العراقية) حينها، بدأت الحملة الأمريكية لاحتلال العراق بتحرك دبلوماسي في العالم لحشد التأييد لها وجمع أكبير عدد من الدول المتحالفة، وقد رافق ذلك جهد إعلامي كبير يركز على إقناع الرأي العام العالمي بخطر العراق على السلم العالمي وتهديده له؛ فكانت دعوى امتلاك العراق (لأسلحة الدمار الشامل) أهم ما ارتكزت عليه أمريكا لتبرير غزوها للعراق. ولكن رغم كل ما بذلته الإدارة الأمريكية فإنها فشلت في الحصول على موافقة من مجلس الأمن تسمح لها بالتدخل العسكري في العراق، ورغم ذلك فقد تجاهلت الإدارة الأمريكية هذا الرفض العالمي كما تجاهلت كل المظاهرات الشعبية العارمة التي تحركت في العديد من البلدان، فبدأت تنفيذ تهديدها للعراق وبدأ القصف الأمريكي على بغداد وعلى القوات العسكرية العراقية ليلة 20 آذار/ مارس عام 2003م، ثم بدأت قواتها البرية بالزحف داخل الأراضي العراقية من الجنوب منطلقة من أراضي الجارة (الكويت)، وهنا لابد أن نذكر للتاريخ موقف تركيا الذي رفض السماح لأمريكا ومن تحالف معها باستخدام الأراضي التركية في غزو العراق. وبعد معارك ضارية استخدمت فيها القوات الأمريكية ومن تحالف معها مختلف أنواع الأسلحة، وتم التركيز فيها على القصف الجوي بالطائرات والصواريخ والذي طال المدن والقرى والبنية التحتية للعراق، وبعد سقوط آلاف القتلى وعشرات الآلاف من الجرحى من المدنيين – فضلا عن قوات الجيش العراقي والذي أبيدت قطعات كاملة منه -، تمكنت القوات الأمريكية من احتلال بغداد، وجعلت من مسرحية (إسقاط تمثال للرئيس السابق) - في ساحة الفردوس مقابل الفنادق التي يقيم فيها الصحفيون – الفصل الأخير الذي يعلن عن سيطرتها على بغداد وكان ذلك يوم 9 نيسان/ أبريل 2003م. ولابد هنا أن نشير أن دخول القوات الأمريكية إلى بغداد قد رافقته أعمال نهب وسلب للأموال العامة قام بها رعاع الناس على مرأى قوات الاحتلال؛ بل أحيانا كانت قوات الاحتلال تسهل لهؤلاء أعمال السرقات فقد عمدت هذه القوات إلى كسر أبواب بعض المخازن أو تحطيم الأسوار التي تحمي بعض الممتلكات لتتركها أموالا سائبة للناس، وقد لاحظ الجميع أن هذه القوات لم تقم بواجبها في حماية أي وزارة أو دائرة حكومية عدا (وزارة النفط) في إشارة واضحة إلى أحد أهدافها الرئيسة للاحتلال العراق. ثم تسببت هذه القوات بزيادة الفوضى التي عمت البلاد من خلال قراراتها والتي حلت بموجبها الأجهزة الأمنية العراقية من الجيش والشرطة لتجعل البلاد تغرق في الظلام وكأنها تريد للبلد الانزلاق إلى الفوضى العارمة كنوع من إشغال الناس وصرف أنظاره عن الاحتلال ومشاريعه. مفهوم الأزمة في العراق تعرّف الأزمة: (بأنها تهديداً خطراً أو غير متوقع لأهداف وقيم ومعتقدات وممتلكات الأفراد والمنظمات والدول والتي تحد من عملية اتخاذ القرار) ([1]). إن الآثار التي تركها الاحتلال الأمريكي على العراق لا تنحصر في الجوانب المادية كالأمن والخدمات والاقتصاد ونحوها؛ بل تتعداه إلى الآثار النفسية والمعنوية والثقافية والفكرية، كما أن التداعيات التي سببها الاحتلال لا تقتصر على وجوده العسكري بل يشمل وجوده السياسي، وربما لأن تواجده العسكري مكشوف وسرعان ما سيأتي أوان رحيله فيعد - من هذا الباب - أخف خطرا قياسا إلى تواجده السياسي لأنه يتستر بمشاريع لا يدركها العوام، كما أنه – أي السياسي - تواجد بعيد المدى ويخطط له لكي يستمر طويلا. وقد عمل الاحتلال - حتى قبل دخوله للعراق – على إشاعة أنه يسعى لتحرير الشعب العراقي من (الدكتاتورية، والظلم، والاستبداد) واستبدالها بـ(الديمقراطية، والعدالة، والحرية)، وأعلن أنه لن يستمر في البقاء بل سيقتصر واجبه على التغيير ثم ترك البلاد لأهلها، ولكنه سرعان ما بدأ يفرض شكل العملية السياسية ويحدد مفاصلها، وقد استعان ببعض الأحزاب والشخصيات التي تروج لمشروعه السياسي هذا وتعمل على تطبيقه وتثبيته. لقد بدأ الاحتلال الأمريكي - بعد أيام من احتلال بغداد – من تقديم مشاريع سياسية جاهزة ليرسم بها شكل الحكومة العراقية ويحدد جميع مفاصل العملية السياسية، والمنطق يقول أن الاحتلال حين يقدم مشروعا ما فهو بلا شك يسعى إلى مصلحته أولا؛ وقد اتضح هذا في كل مراحل هذا المشروع السياسي فمؤداه يأتي ليتناسب مع إستراتيجية الاحتلال، وأصبح المشروع السياسي هذا صفحة من صفحات الاحتلال الأمريكي تدعم صفحته العسكرية وبقية الصفحات الأخرى. وقد تسبب كل ذلك في جعل الساحة العراقية مضطربة؛ حيث تعددت الخيارات للتعامل مع المشروع الأمريكي بكل صفحاته، فنشأت بذلك أزمة حقيقية تؤثر على كيان المجتمع العراقي ومنظومته الثقافية والفكرية والأخلاقية، كما تؤثر على هيكلية الدولة ومستقبل العراق السيادي، ففي الوقت الذي أعلنت بعض الجهات في العراق توقفها عن اتخاذ أي موقف وانتظار ما تنجلي عنه الأيام ومنح الاحتلال وقتا لاختبار صدق وعوده؛ فقد كانت هناك مواقف أخرى تختلف عن هذا ولكنها متناقض أيضا فيما بينها، فوجدنا من يستسلم للمشروع الأمريكي ويسير في ركابه ويدخل في العملية السياسية ليشارك في تأسيس ذلك المشروع ويكون سببا فيما بعد لإضفاء الشرعية على وجوده، في حين اختارت جهات أخرى خيار المقاومة بكل أنواعها مع التركيز في الأيام الأولى على العمل الجهادي (المقاومة العسكرية). والخلاصة بأن ما حصل في العراق بسبب الاحتلال قد أحدث أزمة حقيقية وعلى كل الأصعدة كان لابد من مواجهتها، وإذا كانت إدارة الأزمات تعرف بأنها: (بأنها سلسلة الإجراءات الهادفة إلى السيطرة على الأزمات، والحد من تفاقمها حتى لا ينفلت زمامها مؤدية بذلك إلى نشوب الحرب، وبذلك تكون الإدارة الرشيدة للأزمة هي تلك التي تضمن الحفاظ على المصالح الحيوية للدولة وحمايتها)([2])، من هنا فقد اختارت هيئة علماء المسلمين لنفسها منهجا حازما لمواجهة التواجد الأمريكي والتصدي لمشاريعه في شتى الأصعدة، فعملت على تأييد المقاومة وإشاعة ثقافتها والتصريح بمشروعيتها ووجوب الدفاع عنها، كما عملت على فضح جرائم الاحتلال ومن معه لتعريته وكشف زيفه أمام الرأي العالمي والسعي لاسترداد الحقوق التي انتهكت، وجهدت في توحيد أطياف الشعب الذي فرقه الاحتلال والعمل على صناعة مشروع وطني يجمعهم ويكون بديلا عن المشاريع التي تخدم الاحتلال ومصالحه. من هنا فقد كان للهيئة جهود في العديد من المجالات ولاسيما السياسية سنحاول التعرف على أبرزها في هذه الصفحات عبر عدة محاور لتوضيح هذه الصورة وإبراز هذا الدور الذي قامت به في ظل هذه الأزمة. دور علماء الأمة عند غياب السلطة في ظل الفوضى التي خلفها الاحتلال بعد تمكنه من السيطرة على الدولة وحل أجهزتها وانعدام الأمن وتفلت الناس ونحوها كان لابد أن يقوم أحد بأخذ زمام المبادرة وسياسة أمور الناس بما أمكن وحفظ ما تبقى من الأموال وتسيير عجلة الحياة حتى لا تتوقف، ولم تكن في هذا الوقت أي جهة يمكن للناس أن تثق بها أو تلجأ إليها إلا المساجد ومن يقوم عليها من الأئمة والدعاة، فكان لزاما على هؤلاء أن يقوموا بواجبهم في لملمة الصفوف وترتيب الأوراق واستعادة الثقة والتخفيف من هول الصدمة. يقول محمد خير هيكل :(وعلى أيَّة حال، فإن ما يجب على المسلمين أن يقوموا به إذا ما نزلت بهم هزيمة أن يُضمدوا جراحهم، ويتحاملوا على أنفسهم، ويُظهروا الجلادة للعدوِّ ما أمكنهم، وأن يعودوا على صفوفهم فيلموا شعثها، وإلى قوتهم فيعيدوا بناءها، والى أسباب تلك الهزيمة فيتجنبوها، وليوطِّنوا أنفسهم على الثأرِ للحق واسترداد هيبة المسلمين في أقرب فرصة تسنح لهم، وليقاوموا أيَّ شعور يراودهم بالاستسلامِ إلى روح الهزيمة)([3]). وقد شغلت قضية غياب السلطة (السلطان) المفاجيء حيزا لا باس به من الجهد البحثي في المجال السياسي عند العلماء؛ فقد قدم الإمام الجويني – مثلا - الحل لمسألة خلو الزمان من السلطان وهو أن يكون للمسلمين مرجعية من العلماء إذا فقدت مرجعية الدولة، فما لا بد منه عنده الرجوع إلى العلماء، حيث أنه قدم سؤالا عن هذه الفرضية فقال: (فإذا شغر الزمان عن كاف مستقل بقوة ومنة؛ فكيف تجري قضايا الولايات وقد بلغ تعذرها منتهى الغايات؟ ) ثم يجيب على هذا التساؤل ويقدم الحل فيقول: (يقتضي فيه مطالعة ذوي الأمر ومراجعة مرموق العصر كعقد الجمع وجر العساكر إلى الجهاد، واستيفاء القصاص في النفس والطرف؛ فيتولاه الناس عند خلو الدهر، وإنما ينهى آحاد الناس عن شهر الأسلحة استبدادا إذا كان في الزمان وزير قوام على أهل الإسلام، فإذا خلا الزمان وجب البدار على حسب الإمكان إلى درء الْبوائق عن أهل الإيمان)([4]). وأوضح من هذا ما صرح به الإمام الجويني في هذه المسألة حين قال: (فإذا شغر الزمان عن الإمام وخلي عن سلطان ذي نجدة واستقلال، وكفاية ودراية، فالأمور موكولة إلى العلماء؛ وحق على الخلائق على اختلاف طبقاتهم أن يرجعوا إلى علمائهم ويصدروا في جميع قضايا الولايات عن رأيهم، فإذا فعلوا فقد هدوا إلى سواء السبيل، وصار علماء البلاد ولاة العباد)([5]). وقد أوفى الشيخ هشام البدراني([6])هذا الموضوع حقه في كتاب له بعنوان (النظام السياسي بعـد هـدم دولــة الخلافـة - دراسة فكرية شرعية)، فبعد أن أورد أقوال العلماء وفصل في الموضوع خلص إلى القول: (أن الأدب الشرعي يقتضي من الأمة أن تراجع ذوي الأمر من أهل الاختصاص وتطالعهم بما يدرأ البوائق عن أهل الإيمان بنظام الإسلام، وتكون لها مرجعية من العلماء على مثال حكومة التحكيم. وهذا مما يعلم بالضرورة العقلية والضرورة الشرعية؛ لأن حال الإنسان بين عالم بالمسألة ومتعلم وسامع ومتكلم، وفقيه ومتفقه، ومن يعلم حجة على من لا يعلم عند أهل التقى والدين)([7]). وليس خافيا الدور الذي أخذه العلماء المسلمون على مر تاريخهم في مواجهة ما يلم بالأمة من النوائب، فدورهم لا يقتصر على الإفتاء والدرس وإمامة الناس في الصلاة؛ بل هم قادة المجتمع في شتى شؤون الحياة، وليس ببعيد عنا ما قام به الشيخ المجاهد عبد الحميد بن باديس في الجزائر هو وجمعية علماء المسلمين التي أسسها إبان الاحتلال الفرنسي، فلقد أدرك أن فرنسا تريد طمس الهوية وحرف العقيدة وتغيير اللغة كمشروع بعيد المدى يهدف لإقامة دائمة لهم في البلاد وسيطرة تامة على مقدراته، فما كان من هذا العالم ومن معه من علماء الأمة إلا مواجهة كل سلاح بما يناسبه، فإلى جانب المقاومة العسكرية كان التعليم والتثقيف وشرح العقيدة وتثبيتها في النفوس ونحوها. وهل يمكن أن ننسى دور الإمام النورسي رحمه الله الذي أدرك أن الحرب هي حرب ثقافة وفكر، وأن سلاح الفلسفة المادية يراد منه حرف العقيدة وإبعاد الناس عن هويتهم الإسلامية وفك الارتباط بينهم وبين لغة دينهم الإسلامي، فبادر إلى التركيز على تثبيت العقيدة وتقديمها بأسلوب يناسب الوقت ويكون أكثر إقناعا وأشد تثبيتا وتحويل العقيدة إلى سلوك في الحياة. وعلى هذا النهج ظهرت هيئة علماء المسلمين في العراق لتأخذ على عاتقها القيام بواجباتها وتتحمل مسؤوليتها بعد أن أصبح الفراغ هو السمة السائدة في العراق سواء على مستوى الأمن أو الخدمات أو إدارة الوظائف الحكومية ولاسيما إدارة المساجد وشؤون الأئمة والخطباء فيها. وأمام هذا الظرف العصيب الذي تمر به البلاد (نظر العلماء من الناحية الشرعية إلى وجوب تأسيس هيئة علمية تقوم بأعمال تعيد الهمة إلى الأمة وتنشّط الكامن فيها إلى إقامة الدين وإنفاذ الكتاب الكريم والسنة المطهرة والتمكين من ذلك، واستدلوا على وجوب هذا العمل الجماعي بقوله تعالى: ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون))، وقوله تعالى: ((فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون)) قال الإمام القرطبي في تفسير قوله تعالى ((ولتكن منكم أمة)): "معناه أن الآمرين يجب أن يكونوا علماء وليس كل الناس علماء" أي لينهض للأمر المراد جماعة من أهل العلم يناصرهم الناس ويؤازرونهم على ذلك، وقال الإمام البيضاوي: "لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفاية، ولأنه لا يصلح له كل أحد؛ إذ للمتصدى له شروط لا يشترك فيها جميع الأمة كالعلم بالأحكام ومراتب الاحتساب وكيفية إقامتها والتمكن من القيام بها خاطب الجميع وطلب فعل بعضهم ليدل على أنه واجب على الكل حتى لو تركوه أثموا جميعا")([8]). التعريف بالهيئة بعد أيام قلائل من احتلال بغداد تداعى بعض العلماء وأساتذة الجامعة من حملة العلم الشرعي والمفكرين إلى التباحث في هذه الأزمة وضرورة أن يكون لهم دور في علاجها، وفي تاريخ 13/ 4/ 2003م اجتمع نفر من هؤلاء العلماء والمفكرين؛ للنظر في هذه المستجدات الخطيرة التي عصفت بالبلد، ومن ثم اتخذوا قرارا بتأسيس هيئة شرعية عرفت فيما بعد باسم"هيئة علماء المسلمين في العراق"([9]). وفي جواب على سؤال لمجلة البيان يطلب التعريف بالهيئة قال الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي – الناطق الرسمي لهيئة علماء المسلمين -: إنها تشكلت بعد الاحتلال بأيام (لمعالجة مشكلات أفرزها الاحتلال منها: الفراغ الإداري فيما يخص إدارة المساجد خصوصا، ومنها: معالجة مشكلة الطائفية، التي بدأ المحتل يضع بذورها كمقدمة لحرب أهلية، ومنها: مشكلة موالاة المحتل، فقد كانت هناك مشاعر رضا لدى البعض بالوجود الأمريكي، وكنا نعلم خطورة ذلك، ولذلك بدأ العمل منذ الأيام الأولى على تثقيف الشعب على البراءة من الاحتلال، وأن لا يغتروا بالشعارات، لأن التاريخ يشهد بأنها مزيفة، وأن هناك أهدافا خطيرة من وراء هذا الاحتلال)([10]). وفي إصدارها الذي يحمل عنوان (التعريف والمفهوم) توضح الهيئة المقصود من هذا التجمع فتقول: (فهيئة علماء المسلمين في العراق: هي جمع من العلماء الذين اجتمعوا لمعالجة ما حصل بدءاً في العراق بعد الغزوة الأمريكية البريطانية على بلاد المسلمين، وبعد الدراسة والتشاور والبحث توصل العلماء إلى تعريف الهيئة وتعيين مفهومها بأنه: الكيان الذي يضم مجموعة من العلماء المتخصصين بالشريعة يحملون مجموعة من المفاهيم والمقاييس والقناعات الإسلامية يعاونهم في ذلك المسلمون من أهل الاختصاص في العلوم الأخرى، ويؤازرهم عامة المسلمين في النشاط العلمي، فالهيئة كيان علمي نشأ بنشوء فكرة جمع الكلمة ورص الصف بين المسلمين، استجابة لطلب الشارع بالعمل صفاً واحداً، والتعاون على انجاز الأعمال، واتخذوا طريقة التشاور لمعالجة النوازل وقضايا الأمة المصيرية معالجة علمية، تقود الأمة إلى الرشد وخير العمل)([11]) ويتكون الشكل الإداري لهيئة علماء المسلمين في العراق على النحو الآتي([12]): 1- أمانة عامة للهيئة. 2- مجلس الشورى. 3- الأعضاء العاملون. 4- المؤازرون والمناصرون. ويمكن أن نجمل عمل هيئة علماء المسلمين في العراق بأنه يدور في (مجالين كبيرين: الأول: الاهتمام بالقضايا الراهنة التي يعيشها البلد تحت وطأة الاحتلال وثقله، والتعاون مع الأطراف المعنية التي يمكن التعاون معها لمعالجتها بما يتناسب والحال الحاضر. والثاني: الاهتمام بالبناء الداخلي للمسلمين ليستعيدوا النشاط الحيوي في المجتمع على أساس الإيمان بالله وباليوم الآخر، والفهم الصحيح والقويم لدينهم (الإسلام) ولما يوصلهم إلى الرفعة الإسلامية والعزة والكرامة التي أرادها الله لهم وللإنسانية جمعاء، واستجابة للضرورة وطلب الجمهور)([13]). وقد نشطت الهيئة في القيام بأعمال جمة تحقيقا لرسالتها، (وفي الوقت الذي تعمل فيه هيئة علماء المسلمين مع أنشطة وفاعليات العراقيين بمختلف أطيافهم لإعادة بناء العراق كما يجب فإنها تنشط أيضاً لتقديم المشروع الأمثل ومحاولة الإقناع به، وكذلك هي تعمل على رسم السياسة الإسلامية ورسم السياسة الشرعية، وتحاول أن توجه الجهود إلى المسار الصحيح حسب معطيات العلوم الشرعية وعقيدة الأمة الإسلامية، وهي تقصد بهذا النشاط ملء الفراغ السياسي بإدارة مستقلة تمكن مؤسسات الشعب العراقي من أخذ دورها الريادي في تقليل الأضرار الناجمة عن الاحتلال، ومنع استمرار تسلطه على المسلمين وصولاً إلى إنهائه تماماً إن شاء الله، وتقدر الهيئة ضيق الوقت وتسارع الأحداث وكثرة الوقائع وتزاحم الأعمال فتنظر في أسباب الأعمال الناجحة والسبل إلى معالجتها، فالهيئة وهي تعالج الموقف الراهن لا تنسى بناءها الداخلي ومشروعها الحضاري فتعمل جاهدة للأخذ بأسباب النهضة واستئناف الحياة الإسلامية)([14]). أما أهداف الهيئة فقد أجملتها في قولها: (عملت الهيئة منذ تأسيسها على إنهاء الاحتلال بكل الوسائل المشروعة، وتوعية الناس بعدم الاستسلام للواقع المرّ الذي تعيشه الأمة، والوقوف بحزم أمام أي قوة تريد سلخ العراق من هويته التأريخية وحضارته الإسلامية والحرص على وحدته واستقلال أراضيه كونه جزءاً من بلاد المسلمين لا يتجزأ، ووَضعت لنفسها أهدافاً عدةً تعمل لتحقيقها منها: لقد استطاعت هيئة علماء المسلمين في العراق في أيام قليلة أن تنتشر في ربوع العراق وتفتح لها فروعا في أغلب المحافظات العراقية، كما فتحت مكاتب خارجية في كل من الأردن وسوريا ومصر واليمن وممثليات لقسم الإعلام في تركيا وماليزيا وغيرها، وباتت الهيئة اليوم رقما صعبا في المشهد العراقي يحسب لها حساب من القريب والبعيد، وأصبح حضورها شرطا في أي فعالية سياسية أو مشروع وطني يعمل على إنقاذ العراق. نشاطات الهيئة لم تكن الأهداف التي رسمتها الهيئة حبرا على ورق؛ بل تمكنت الهيئة رغم ضعف الإمكانيات المادية وحداثة التجربة وتعدد الأعداء؛ أن تشق طريقها رغم المخاطر، وتحول الأقوال إلى أعمال، وتنفذ أهدافها في مشاريع عملية لها أثر في مواجهة الأزمات الناجمة عن الاحتلال، وفي معالجة آثاره التدميرية، والوقوف بوجه مشاريعه الاستعمارية، وما هي إلا مدة وجيزة وللهيئة عدة أذرع ثقافية وإعلامية وأنشطة دعوية وإغاثية وعلمية وسياسية، وسنحاول استعراض أبرز الأعمال والجهود التي قامت بها الهيئة في إدارتها للأزمة التي يعيشها العراق في ظل الاحتلال الأمريكي. أولا/ إدارة المساجد لقد كانت مسألة إدارة المساجد هي المهمة الأساسية التي اضطلع بها العلماء، وتوجهت لها اهتماماتهم عقب الانهيار لهيكلية الدولة أثناء الاحتلال، فلقد كان للفراغ الذي سببه انهيار الدولة والذي تزامن مع الاحتلال ثم حل العديد من الأجهزة بقرارات قوات الاحتلال؛ كان لهذا أثر كبير في ظهور العديد من المشاكل ومنها ما يتعلق بالمساجد وإدارتها، يقول الشيخ الدكتور محمد بشار الفيضي – الناطق الرسمي لهيئة علماء المسلمين - في حديثه عن مهام الهيئة الأساسية أنها (المهمة الأولى: معالجة الخلل الكبير الذي طال منظومة المساجد في البلاد بسبب انهيار المؤسسات التي كانت تعمل على إدارتها، فاضطرت الهيئة لملئ الفراغ الطارئ وقامت بممارسة دور وزارة الأوقاف المنهارة في إدارة المساجد وقدمت بهذا الصدد خدمات جليلة)([16]). فشكلت هذه المشاكل أزمة حقيقية تتطلب أن يكون للعلماء كلمتهم فيها وأن يتخذوا فيها قرارات لمعالجة هذه الأوضاع المتأزمة، فأخذت هيئة علماء المسلمين على عاتقها هذا الأمر فشكلت عدة لجان لحل تلك القضايا، وبناء عليه تم العمل سريعا في تعيين بعض الأئمة والموظفين لسد الشواغر في تلك المساجد، كما تم إصدار قرارات نقل لبعض الأئمة بين مساجدهم حقنا للدماء ومنعا لتفاقم المشاكل، وأما بخصوص الاستيلاء على المساجد أو نهب ممتلكاتها فقد شكلت وفودا لزيارة الوجهاء والمراجع الدينية الشيعة لمعالجة ذلك ودرءا للتصعيد ومنعا لحصول أزمة طائفية. ثانيا/ حماية الأموال العامة ذكرنا في مدخل هذه البحث أن دخول قوات الاحتلال لبغداد قد رافقه حصول حالات نهب وسلب للممتلكات العامة قام بها بعض رعاع الناس وضعفاء النفوس، ولكن علماء الدين استطاعوا معالجة هذا الوضع المشين ووضع حد لهذه التصرفات المسيئة، ومن أهم ما تم تنفيذه في هذا الإطار ما يلي : لقد تمكنت هذه المساجد بحق من معالجة هذا الأمر الخطير وكان لها دور واضح في هذا الشأن، وبات واضحا أن الممتلكات العامة في المناطق التي تنتشر فيها المساجد وينشط فيها الأئمة الذين تنادوا لهذا الأمر من أقل المناطق التي تعرضت للسرقات أو أصابها الضرر. وقد انعكست هذه الإجراءات على زيادة مكانة المساجد وأهمية دورها في حياة المجتمع، كما أنها كانت البداية لتعزز ثقة الناس بهؤلاء العلماء، ولتتجه أنظار الناس نحوهم ويعقدوا عليهم الآمال في قيادة المجتمع والرجوع إليهم في الأزمات. نعم لقد أثبتت هذه المساجد للمجتمع أن وظيفتها لا تنحصر في أداء العبادات، بل هي البديل الآمن للعديد من الدوائر، فقد قامت بعدة وظائف كالإغاثة وتقديم العلاج وإيواء الذين فقدوا مساكنهم بسبب أعمال الحرب الوحشية وغيرها. ثالثا/ التصدي للصراع الطائفي لقد استطاعت هيئة علماء المسلمين في العراق أن تشخص منذ الأيام الأولى للاحتلال الأمريكي أن هذه القوات تعمل على صناعة فتنة طائفية في البلاد، وبالتأكيد فإن الغاية وراء هذه الفتنة واضحة؛ فمثل هذه الفتنة توفر جوا آمنا للقوات المحتلة وتجعل العراقيين ينشغلون أولا بهذه الفتنة وتصرفهم عن مواجهة الاحتلال. ولم يأت هذا التشخيص من فراغ أو يستند إلى التخمين؛ بل هي قراءة لجملة من الوقائع من أهمها الإهمال المتعمد للقوات الأمريكية وترك حماية معسكرات الجيش العراقي السابق، والسماح للناس بسلب ما فيها من ممتلكات ومنها الأسلحة، فكانت قراءة الهيئة لهذا الأمر بأنه خطوة نحو الفوضى التي تسعى لها أمريكيا ضمن سياسة ما يطلق عليه (الفوضى الخلاقة). وقد أثبتت قرارات الاحتلال اللاحقة ومشاريعه أن أمريكيا تسعى إلى تقسيم العراق، ومما لا ريب فيه أن أي فتنة طائفية ستكون مقدمة لتحقيق هذا الهدف وتسهل أي خطوات لتنفيذ هذا المشروع والذي سيؤدي – وفق المنظور الأمريكي – إلى إضعاف البلاد وتمكينهم من السيطرة على قراراته السياسية ومقدراته الاقتصادية. وربما أبرز المظاهر التي أثبتت صدق هذه الرؤية لدى هيئة علماء المسلمين (المحاصصة الطائفية) التي كانت الأساس الذي يقوم عليه المشروع السياسي الأمريكي في العراق، ثم جاءت الفتنة الطائفية التي أعقبت حادثة تفجير مرقد الإمامين العسكريين في سامراء لتبرهن على صحة هذا المشروع الخطير. ولا نريد هنا أن نفصل في آثار هذه الفتنة بتعداد المساجد التي أحرقت أو هدمت أو الدماء التي سالت من الأئمة والخطباء والمصلين في تلك المساجد أو الأبرياء الذين قتلوا أو خطفوا وعذبوا ونحوها من الجرائم؛ لكن نريد هنا أن نسجل أن هيئة علماء المسلمين استطاعت أن تقف في وجه هذه المؤامرة التي عصفت بالبلاد، فقد تصدت الهيئة للمشروع الطائفي ليس سياسيا فحسب وإنما ميدانيا. لقد حافظت الهيئة طيلة هذه السنوات على خطابها الوطني الجامع ونأت بنفسها – رغم الضغوط – عن التحدث بلسان طائفة على حساب أخرى، ولم تنخدع بالهجمات الطائفية ضدها فترد على ذلك بلهجة طائفية؛ والكل يشهد للهيئة خطابها المتوازن الذي كان سببا في حماية المجتمع العراقي من الانزلاق نحو الحرب الأهلية رغم التأجيج من عدة جهات خارجية وداخلية تسعى لها لإثارة الفتنة وتوسيعها. ولم يقتصر الأمر على خطاب الهيئة المتوازن بل في علاقاتها المتنوعة؛ فقد كانت للهيئة علاقات متعددة مع شخصيات دينية من كل المذاهب بل ومن الأديان غير الإسلامية، وكان لذلك كبير الأثر في قبول الهيئة في الشارع العراقي من قبل كل ألوان الطيف العراقي، ويشهد سجل الهيئة بزيارات متبادلة مع مرجعيات وشخصيات من الشيعة والنصارى والصابئة والأزيديين. وكمثال واضح على جهود الهيئة في هذا الإطار ذلك البيان الذي أصدرته الهيئة بالاشتراك مع علماء آخرين، وتم التوقيع عليه في المدرسة الخالصية بالكاظمية في شهر رمضان من عام ( 1429_ 2003) تجرِّم فيه كل من يستحل دماء المسلمين أو يكفرهم وتعلن فيه بأنها تدين هذا التوجه وتبرأ إلى الله عز وجل من هذا الفعل. ومن يراجع بيانات الهيئة يجد الكثير منها يشجب أعمال العنف الطائفي وتحرم استهداف الأبرياء على أساس الهوية أو الدين أو الطائفة، وكمثال على ذلك بيانها المرقم (128) بتاريخ (24/6/2005) والذي نصت فيه على تحريم استهداف طائفة بعينها فقالت: (وقعت بالأمس عدة هجمات في منطقة الكرادة ببغداد وقال من تبناها إنه فعل ذلك ثأراً لأهل السنة، فإن كان يعني بذلك قوات الاحتلال أو من يتآمر معها على قتل أبناء العراق فهذا شأن معروف؛ وإن قصد بذلك إخواننا الشيعة في العراق فهذا شأن آخر ولنا حوله تعليق، إذ أننا ننظر إلى إخواننا الشيعة على أنهم جزء من أبناء الوطن ويجمعنا وإياهم دين واحد، وبهذا الوصف نحرم استهداف أبناء طائفة بعينها بمجرد انتمائهم لهذه الطائفة أو تلك ونحن أهل مكة – كما يقول المثل – وأدرى بشعابها. نسأل الله جل جلاله طرد المحتلين من أرضنا وأن يكافئ المسلمين جميعاً على جهادهم وصبرهم وتضحياتهم الغالية بالنصر الكبير على الكافرين، وإن ذلك وعد منه سبحانه وإنه لآتٍ قريب والله لا يخلف الميعاد)([17]). رابعا/ النشاط السياسي للهيئة يدرك الجميع أن قرار احتلال العراق لم يكن ردة فعل آنية؛ بل هو مشروع سبقت تنفيذه سنوات من التخطيط، وتم التمهيد له بخطوات عديدة والإعداد له في شتى الميادين - عسكرية وإعلامية وسياسية واقتصادية -، ثم في أثناء حملتها العسكرية وما بعدها فإن أمريكيا لم تعتمد على الحل العسكري فقط؛ بل جعلت من السياسة والإعلام والاقتصاد صفحات تدعم الصفحة العسكرية وتستثمرها، وكانت الصفحة السياسية أبرز تلك الصفحات والتي أرادت أمريكيا أن تجعل من مشروعها السياسي في العراق الغطاء لبقائها وذراعا لتنفيذ أهدافها. ونظرا لخطر الصفحة السياسية للاحتلال وآثارها بعيدة المدى، وبعد أن استسلمت كل القوى السياسية العراقية لهذا المشروع، وقبلت به كواقع يجب الرضوخ له، وبدأت السير في خطواته؛ فقد وجدت هيئة علماء المسلمين نفسها مجبرة لخوض ميدان السياسة بشكل واسع ومعلن للتصدي لمخاطر الاحتلال ولمنعه من النجاح وللحد من انتشار ثقافة الاستسلام والخنوع بين أوساط المجتمع العراقي. ويمكننا أن نجمل نشاطات الهيئة السياسية في الأوجه الآتية: خامسا/ الهيئة والمشروع الوطني ليس سرا أن استهداف العراق من قبل القوات الأمريكية كان خطوة أولى في سبيل مشروعهم (الشرق الأوسط الجديد)، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف الكبير كان لابد لهم أن تنجح خطوتهم الأولى فيتم إحكام السيطرة على العراق، وكانت سياسة التقسيم والتفتيت إستراتيجية أمريكية لإضعاف العراق مستغلين التنوع العرقي والطائفي والديني للشعب العراقي. وفي سبيل مواجهة هذا الخطر وإفشال مشروع الاحتلال فقد اعتمدت هيئة علماء المسلمين على الخطاب الوطني الذي يجمع كل المكونات في الوطن، ولمواجهة المشروع السياسي الأمريكي الذي فرضه على العراق والقائم على المحاصصة؛ فقد قدمت الهيئة المشروع الوطني العراقي الذي يجمع كل أطياف العراق ويسعى لإخراجه من محنته التي أدخله الاحتلال فيها. ولتوضيح دور الهيئة وما بذلته من جهود في وضع ركائز هذا المشروع نذكر أهم المحطات التي قامت بها الهيئة في هذا الإطار: سادسا/ الأنشطة الإعلامية تنبهت الهيئة إلى أهمية الإعلام في عالم اليوم، وإلى دور وسائل الإعلام في التثقيف وفي صناعة رأي عام وتأثيره على صناع القرار، من هنا فقد كان قسم الإعلام جزءا من هيكلية الهيئة وباشر نشاطه منذ الأيام الأولى لتأسيس الهيئة، وأخذ هذا القسم على عاتقه القيام بهذا الواجب بالاعتماد على ما يتاح من وسائل، وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن أهم أنشطة قسم الإعلام في الهيئة هي: سابعا / الدفاع عن حقوق الإنسان لقد أصبحت انتهاكات حقوق الإنسان سمة رئيسة في المشهد العراقي في ظل الاحتلال، وتعددت صور تلك الانتهاكات بل تجاوزت كل الحدود، وقد أولت هيئة علماء المسلمين هذا الموضوع اهتماما كبيرا، فكان أحد أقسامها الرئيسة (قسم حقوق الإنسان) والذي نشط في توثيق كل الجرائم التي ترتكب بحق أبناء العراق، كما دأب هذا القسم على نشر التقارير الدورية والسنوية التي ترصد فيها تلك الانتهاكات لتكون شاهدة على زيف الادعاء الأمريكي. كما حرصت الهيئة على المشاركة في المؤتمرات الدولية التي تعنى بهذا الجانب، وكذلك أوفدت بعض أعضائها لتنظيم ندوات ومحاضرات في الدول العربية والأوربية لكشف هذه الحقائق أمام الرأي العام([22]). كذلك فقد قامت بالاشتراك مع عدة منظمات لحقوق الإنسان لإيصال هذا الملف إلى المنظمات الأممية ومنها مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وتم عرض هذه التقارير في العديد من دول العالم وعبر وسائل الإعلام المختلفة، وتسعى الهيئة من وراء هذا الجهد أن تحد من هذه الجرائم ثم محاسبة مرتكبيها واستعادة الحقوق لأهلها. ثامنا / العلاقة مع الهيئات والمنظمات العربية والدولية وبسبب مواقف الهيئة الواضحة والجريئة تجاه كل القضايا التي تعرض لها العراق؛ فقد حظيت الهيئة وأعضاؤها باحترام العديد من الجهات سواء كانت وطنية أم دولية، ومن بين هذه الجهات العديد من الهيئات والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، وقد زار مقر الهيئة وأمينها العام الكثير من ممثلي تلك الهيئات والمنظمات فضلا عن زيارة الشخصيات المستقلة، كما قامت الهيئة من جانبها بزيارة بعض تلك المنظمات عبر وفود رسمية من الهيئة لتبادل الآراء أو لإيضاح موقف أو لإبلاغهم بقرار. وكان لجهود الهيئة في معالجة أزمة اختطاف الأجانب في العراق بداية الاحتلال دور في إنشاء علاقة الاحترام مع بعض الدبلوماسيين العاملين في العراق، فقد أطلقت الهيئة العديد من المناشدات لإطلاق سراح الأبرياء الذين تم اختطافهم في العراق من صحفيين أو دبلوماسيين، وكانت نتيجة العديد من تلك المناشدات هي الاستجابة من قبل الخاطفين وإطلاق سراح الأبرياء. خاتمة إذا كانت الهيئة قد استطاعت التصدي لمشاريع الاحتلال وتجاوز الأزمات التي صنعها وأدخل فيها الشعب العراقي، وتمكنت رغم كل الظروف والمضايقات من ثباتها على مواقفها ولم تتراجع عنها أو تستسلم، فقد أثبتت تجربة الهيئة في إدارتها للأزمة في العراق بأن واجب العلماء لا يقتصر على الفتوى وإمامة الناس في صلواتهم، بل الحياة كلها ميدان لهؤلاء الدعاة دينية ودعوية وسياسية وغيرها. والواجب إذ يحتم الوقوف إلى جانب هذه التجربة ودعم المشاريع التي تعمل عليها؛ فمن المهم أيضا أن تتم دراسة هذه التجربة ومحاولة الانتفاع منها في الأزمات الأخرى التي تمر بها بلداننا الإسلامية، والعمل على تهيئة الكوادر القادرة على المضي في هذا الطريق وصولا إلى تنفيذ المشروع الإسلامي الشامل. المصادر: ([1]) إدارة الأزمات، عبد الاله البـلداوي، http://www.siironline.org/alabwab/derasat(01)/344.htm ([2]) إدارة الأزمات، عبد الاله البـلداوي، http://www.siironline.org/alabwab/derasat(01)/344.htm ([3]) ينظر: النظام السياسي بعـد هـدم دولــة الخلافـة (دراسة فكرية شرعية)، الشيخ هشام البدراني، ص 67. نقلا عن : الجهاد والقتال في السياسة الشرعية: ج 3 ص1570-1571. ([4]) ينظر : النظام السياسي بعـد هـدم دولــة الخلافـة، ص58.نقلا عن: مختصر غياث الأُمم في التياث الظُلَم: الطريق إلى الخلافة، لمحمد شاكر الشريف، ص124. ([5]) ينظر : النظام السياسي بعـد هـدم دولــة الخلافـة، ص58. نقلا عن: مختصر غياث الأُمم : ص126. ([6]) هو أحد العلماء والمفكرين في مدينة الموصل وله مؤلفات كثيرة. ([7]) النظام السياسي بعـد هـدم دولــة الخلافـة، ص 79 . ([8]) هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص2 . ([9]) ينظر: مقدمة كتاب بيانات هيئة علماء المسلمين في العراق 1/6 . ([10]) السراب –حصاد العملية السياسية في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق،د.محمد بشار الفيضي، 1/24. ([11])هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص1 . ([12]) هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص1 . ([13]) هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص2 . ([14]) هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص2 . ([15])هيئة علماء المسلمين في العراق - التعريف و المفهوم ، ص3 . ([16]) مقدمة كتاب بيانات هيئة علماء المسلمين في العراق 1/7 . ([17]) بيانات هيئة علماء المسلمين في العراق 1/ 232 . ([18]) العلماء في خدمة المجتمع زمن الاحتلال، د. مثنى الضاري، مجلة حضارة، العدد 2، نيسان 2009م، ص 111. ([19]) ينظر : الرسائل المفتوحة لهيئة علماء المسلمين. ([20]) للاطلاع على نص هذه الورقة ينظر: هيئة علماء المسلمين والمشروع الوطني، ص 73 وما بعدها. ([21]) سجلنا هذه الأرقام بتاريخ 22 آذار 2011م قبيل منتصف الليل. ([22]) منها المشاركة في المؤتمر العالمي حول انتهاكات حقوق الإنسان في ظل الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق الذي عقد في أيلول 2005 بطرابلس ليبيا، وكذلك الندوة التي نظمتها جمعية (مظلوم ـ در) التركية في شباط 2006م.