جهاد بشير([1]) انطلقت فكرة أسبوع القدس العالمي (24 - 30 رجب 1442هـ= 08 - 14 آذار/مارس 2021م)، بوصفها مبادرة عالمية مفتوحة، ذات مقصد بفعالياتها وبرامجها التي جمعت بين التنوع والامتداد المتجاوز لحدود الجغرافيا ومحددات التوجهات الفكرية والسياسية، لأجل جمع المناصرين للقضية الفلسطينية على مبدأ واحد يخدم القدس والأقصى وقضيتهما، فجاءت مواكبة لذكرى الإسراء والمعراج، التي تتزامن مع تأريخ فتح القائد الكبير صلاح الدين الأيوبي مدينة القدس وتحرير المسجد الأقصى من احتلال صليبي استمر نحو قرن من الزمان. ولعل من أكثر ما منح على هذه الفكرة وبرامجها تميزًا وانتشارًا وتفاعلاً غير مسبوق؛ أنها جاءت برعاية علماء المسلمين، الذين التقت مؤسساتهم وروابطهم وهيئاتهم في مشاريع موحّدة ذات نشاطات جمعت بين اتجاهين مؤثرين أحدهما: المجتمع المدني والتيار الشعبي ممثلاً بالمؤسسات التي تشكلت منها اللجنة التحضيرية لأسبوع القدس العالمي ثم انطلقت فعالياته منها. والآخر: الطابع الذي أعطى الفكرة ومناسبتها وفعالياتها بُعدًا رسميًا، وذلك بمشاركة رئاسة الشؤون الدينية التركية ونظيرتها الماليزية، بما صيّر أسبوع القدس إطارًا شاملًا وجامعًا لكل أشكال التفاعل والنشاط مع القضية الفلسطينية أيًّا كان نوعها ومصدرها، وهو أمر مهّد لجعله مناسبة دورية. إنَّ منطلقات أسبوع القدس العالمي جاءت في سياق الرد على الانهيار المتسارع الذي انزلقت فيه العديد من الجهات والأنظمة للتطبيع مع الكيان الصهيوني؛ ولأنَّ التطبيع حالة تنطوي على مخاطر جمّة وتُنذر بمآلات من شأنها تغييب الأمة والتعجيل بانعدام وجودها؛ اقتضى الأمر إيجاد هذا النوع من المناسبات لتفعيل الدور الجماهيري وإيضاح الطريق أمام الشعوب بأنَّ العلماء هم القادة المرشدون على طريق تجديد وإحياء لحمة الأمة المسلمة حول القضية الفلسطينية خاصة وبقية قضاياها بشكل عام، فكانت فعاليات الأسبوع بمثابة محطة تقوية وتنمية وإعداد، وأسهمت مخرجاتها لاحقًا وبشكل لافت في تعبئة أبناء الأمة لدعم المقاومة الفلسطينية في معركة سيف القدس. وفي هذا المقام نستعرض المعالم الرئيسة لأسبوع القدس رؤية وتحليلاً، وأثرًا في مجريات الأحداث التي تلته ولاسيما الانتفاضة الأخيرة في القدس وغزة وما تضمنته من مشاهد في معركة سيف القدس. الخطوات الأولى.. وتحديد الهدف الهيئات والروابط والمؤسسات المشاركة في أسبوع القدس العالمي؛ استهلت تنفيذ فكرتها ببيان تحضيري بهدف شرح طبيعة برنامجها المتضمن فعاليات شعبية ومعرفية وثقافية وسياسية متعددة، بعقدها لقاءً خاصًا ضم أكثر من خمسين جهة من مختلف أقطار العالمين الإسلامي والعربي؛ وأعلنت عن اللمسات الأخيرة من استعداداتها للأسبوع العالمي: بحيث أجرت لقاءات تشاورية ومداولات تم فيها تبادل الأفكار ووجهات النظر وجملةً من الفقرات والخطوات التي سيتم من خلالها إحياء المناسبة، من بينها التأكيد على الهدف الأساس لهذا الأسبوع وهو نصرة المسجد الأقصى المبارك، والقدس المحتلة، والسعي لتحرير كل فلسطين من الاحتلال الصهيوني، بوصف ذلك كلّه فريضة شرعية وضرورة إسلامية وعربية وإنسانية، فضلاً عن كونها مسؤولية تقع على عاتق كل فرد من الأمة بحسب طاقاته وإمكانياته. البيان الأول للقاء التحضيري سلّط الضوء والاهتمام على مسؤولية الحكومات ووسائل الإعلام في هذه القضية؛ إذ أكد على أنَّ نصرة فلسطين - بكافة الوسائل الممكنة - واجبٌ على السلطات والحكّام، وأنَّ مناسبة أسبوع القدس العالمي فرصة للسعي الجاد لتحرير الأقصى والمقدسات، بالإضافة إلى أنَّ الواجب الملقى على عاتق الإعلاميين والصحفيين ووسائلهم في هذه القضية يُعد جهادًا كبيرًا على مختلف صعد الحياة، فضلاً على ضرورة أنْ يبادر كل فرد من الأمة بعمل فعلي وحقيقي لنصرة أهل فلسطين، وذلك بتفعيل خيار المقاطعة الشاملة، ومناهضة كل صور وأشكال التطبيع الذي يعد خيانة ومخالفة شرعية، ومناقضًا للعقل السليم والفطرة السويّة. الأيّام الأولى من الأسبوع؛ شهدت أنشطة جماهيرية المقدسية اشتملت على مهرجانات شعرية وندوات ثقافية ومؤتمرات ولقاءات تناولت أبعاد القضية الفلسطينية بشكل شامل وتفصيلي، بالإضافة إلى إطلاق مسيرات سلمية تهدف إلى التعبير عن أحقية القضية الفلسطينية ودعوة العالم الحر لنصرتها، بينما أخذت المؤسسات والهيئات العلمائية المنظمة للفعاليات على عاتقها تفعيل الأدوار المعرفية والثقافية بشأن المسجد الأقصى المبارك والقدس المحتلة وقضية وتأريخ فلسطين؛ وذلك بالوسائل المؤثرة والطرق العملية المنتجة، وتفعيل الدور السياسي والدبلوماسي ببيان الرأي الشرعي الذي يقرر مسؤولية الأحزاب والتجمعات الإسلامية في هذا السياق. وبهدف تحقيق عالمية أسبوع القدس، وتنفيذ فعالياته في كل أجزاء الأرض التي يرتفع فيها صوت الأذان؛ قررت اللجنة التحضيرية حض علماء الأمة على تخصيص خطب الجمعة لنصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك، لتكون هذه الخطب منطلقًا لأنشطة وفعاليات أسبوع القدس العالمي ولكي تغذو منابر العلماء والخطباء شقائق منبر صلاح الدين في إعلاء صوت القدس في وجه العدوان الصهيوني المستمر، لتستعيد بذلك المنابر بذلك مكانتها الحقيقية ودورها الأساس في قيادة الأمة وإرشادها إلى طريق استعادة ريادتها. علماء المسلمين في منصات القيادة جاءت شهادة المقدسيين لعلماء الأمة سريعة؛ إذ أكّد خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ (عكرمة صبري) في أول خطبة جمعة بعد انطلاق فعاليات أسبوع القدس العالمي أنَّ علماء الأمة الإسلامية أثبتوا انتماءهم لفلسطين، وصادقوا على أنهم المثابة العليا للناس في معالجة قضاياهم والدفاع عنها والعمل على إعلائها على ما سواها من مشكلات وأحداث؛ وقدّم الشيخ المرابط شكره بسخاء لثلة العلماء ومؤسساتهم التي أطلقت فكرة أسبوع القدس وأسست برامجه وأشرفت على فعالياته، مثمنًا جهودهم التي صارت تنبئ عن أمل كبير للأمة الإسلامية ومبشرات عظمى في إمكانية تحقيقها النصر والظفر. العلماء بأشخاصهم ومؤسساتهم تحركوا عمليًا لإثبات أنَّ فلسطين والمسجد الأقصى أمانة في أعناق جميع المسلمين، وهي أمانة توجب العمل الدؤوب دون انقطاع أو ضعف على مواجهة الاحتلال الصهيوني والتصدي لمخططاته وفي مقدمتها ما يُسمى "الدين الإبراهيمي" الذي يسعى من خلاله إلى تمرير مشاريعه تحت مظلة التطبيع، وصرف اهتمام أبناء الأمة عن مهمتهم الأساسية في تحرير القدس ومسجدها المبارك. كان أسبوع القدس مناسبة ذات أهمية على أكثر من اتجاه؛ فعلاوة على الرسالة العظمى التي تضمنها بوحدة علماء المسلمين المفضية بالضرورة إلى وحدة الأمة كلّها، وما شهدته الفعاليات وأيّامها من انطباعات وقناعات بشأن أهلية العلماء لتولي القيادة واعتلاء منصات الإرشاد والتوجيه والتنظير السياسي والتثبيت الميداني؛ فقد تصدى أهل العلم في وجه واحد من أخطر مشاريع التطبيع التي يُراد له الرواج والاستقرار بين ظهراني المسلمين متمثلاً ببدعة "الدين الإبراهيمي" الذي لا يطعن بعقيدة المسلمين فحسب، بل يتغلغل إلى ثقافات وأفكار الناس ليسلخ عنهم انتماءهم ويمهد الطريق لضياع مقدساتهم، فكانت فعاليات أسبوع القدس درعًا واقيًا وسلاحًا ماضية في هذه المعركة التي أبصرت أبناء الأمة بحقيقة ما يُخطط لهم للوقوع فيه. ومن بين مواقف كبار علماء الأمة الإسلامية في هذا السياق؛ أكّد العلامة الشيخ الدكتور (عبد الملك السعدي)؛ على حرمة وتجريم التطبيع مع اليهود الذي يحتلون أرض المسلمين ويعلنون الحرب على الإسلام، مشددًا على وجوب تقديم كافة أنواع الدعم لفلسطين والمسجد الأقصى المبارك. عداء ممنهج.. واستهداف المحتوى إنَّ النجاح المبكر لفعاليات أسبوع القدس العالمي، والانتشار الواسع للأفكار والأهداف التي رسمها علماء الأمة، وبلوغ مقاصد الفكرة والمناسبة مديات بعيدة جدًا في أرجاء العالم؛ أقلق العدو وداعميه ومناصريه، وباتوا وهم ينظرون إلى جهود أينعت وتطورت، وثمار باتت قاب قوسين أو أدنى من القطاف، ما كانوا يحسبون أنها غُرست في أرض طيبة وسقيت بماء فرات؛ يتخافتون بينهم لإنشاء العراقيل واستيراد وسائل الصد والتعطيل؛ فلم يجدوا من سبيل في محاولة إيقاف المد الجماهيري والفكري والثقافي إلّا بتغرير أداوتهم لإغلاق المنصات والحسابات المبثوثة في وسائل التواصل الاجتماعي التي تروج لأسبوع القدس وتسلط الأضواء على فعالياته، وتوثق أحداثه ومجرياته، ومن ذلك ما أقدمت إدارة موقع "فيس بوك" على إغلاق الصفحة الرسمية للأسبوع المخصصة لنشر أنشطة وفعاليات المؤسسات والروابط والهيئات المشاركة فيه. إنَّ العداء الممنهج باستهداف المحتوى الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي، سلاح ما انفك العدو التعويل عليه، تحت مظلة حسبانه أن سوف يقيد إيصال المعلومات للجماهير، لاسيما وأنَّ هذا النوع من التواصل بات من المنافذ التي تحقق أهم ركائز الحق الفلسطيني خاصة، وحقوق المسلمين والعرب في بقية قضاياهم الأخرى بشكل عام. وعلى الرغم من أنَّ اللجنة التحضيرية لأسبوع القدس ومن خلفها علماء الأمة المؤسسين له؛ أكّدوا جميعًا بموقف الواثق المتمكن أنَّ هذه المحاولات لن تثني عزم الفلسطينيين ومن يؤازرهم من أبناء الأمة المخلصين عن المضي قدمًا في نصرة القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وعموم قضايا الأمة؛ إعلاميًا وثقافيًا وفكريًا بالوسائل المتاحة والأدوات البديلة؛ إلّا أنَّ توثيق هذا النوع من محاولات العدو مهم ويستلزم الوقوف والتحليل في أنَّ جند الحق حققوا خطوة إلى الأمام تهدد الباطل وحزبه وتنذره بتقدم آخر أطول في خطاه وأمضى في وقعه. العراق: هيئة علماء المسلمين ودورها في أسبوع القدس لم يتردد العراق على مرّ التأريخ في دعم ونصرة القضية الفلسطينية، وهذه من الأمور المسلم بها والمعلومة بالضرورة، فما تزال آثار ذلك شاخصة وشاهدة، وتحكي من القصص والأحداث ما يرفع الرأس ويشد العزم ويقوي الشكيمة، وما انفك العراقيون - الذين يواجهون احتلالاً مزدوجًا على الأرض، واحتلالاً مركبًا على جميع صعد الحياة - ينظرون إلى القدس بأنها مقصدهم، ومهوى نفوسهم، وأنَّ تحريرها ومسجدها المبارك أمانة شرعية وتأريخية في رقابهم، ومن شدة تعلق أحرار العراق بفلسطين وبيت المقدس؛ صاروا ينظرون إلى القضية وكأن ابنهم الفذ (صلاح الدين الأيوبي) رحمه الله كتب لهم ذلك في وصيته، وألزمهم بتنفيذها. هيئة علماء المسلمين في العراق بوصفها الأنموذج الأسمى والمثابة الأعلى التي تعكس حقيقة العراق وشعبه، وتعبر بصدق عمّا يؤمن به العراقيون؛ سارعت لتكون من بين المؤسسات العلمائية والروابط الشرعية التي أسست فكرة ومشروع أسبوع القدس العالمي، وكانت ذات الدور البارز في داخل العراق وخارجه في المشاركة بفعالياته وتغطية أحداثه والمساهمة في القرارات والمواقف المخرجة عنه، فضلاً عن العمل الميداني بكافة أشكاله الدعوية والاجتماعية والإعلامية والجهادية وغيرها؛ في دعم القضية الفلسطينية والتعبئة الجماهيرية لنصرة المسجد الأقصى المبارك. سخّرَت الهيئة جهودها وبرامجها ووسائلها لأسبوع القدس وفعالياته، وأعدت أقسامها: السياسي، والثقافة، والإعلام، والإداري، وغيرها؛ برنامجًا خاصًا يشتمل على العديد من النشاطات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية وما يتعلق بواجب الوقت تجاه المقدسات الإسلامية وخاصة المسجد الأقصى المبارك. وبعد سلسلة من اللقاءات التحضيرية والاجتماعات المطولة التي عقدتها المؤسسات المنظمة لفعاليات الأسبوع بضمنها هيئة علماء المسلمين في العراق؛ عقدت أول ندوة معلنة بشأن الاستعداد للأسبوع؛ وتضمنت هذه الندوة ورشة عمل أدارها الدكتور (عبد الحميد العاني) نائب الأمين العام لشؤون الثقافة والإعلام والناطق الرسمي باسم الهيئة والذي شرح محتوى ومضمون دليل أسبوع القدس العالمي، موضحًا أهم الأفكار والخطط التي وضعتها اللجنة التحضيرية، بهدف تفعيل أدوار المناصرين للقضية الفلسطينية، وتوحيد جهود المؤسسات العلمائية في عموم العالم في سبيل نصرة القدس والمسجد الأقصى المبارك. ولأنَّ الفعاليات والمواقف التي أقامتها هيئة علماء المسلمين في العراق كثيرة، نستعرض أبرزها وخلاصتها في النقاط الآتية الموجزة: أولاً: برنامج الهيئة في أسبوع القدس العالمي، اشتمل على محاضرات وندوات وفعاليات ثقافية، وتخصيص جميع صفحات صحيفتها (البصائر) لتغطية الأسبوع وفعالياته المحلية والإقليمية والعالمية، فضلاً عن خطب الجمعة والرسائل الدعوية والجهود الفردية لأعضاء الهيئة في داخل العراق. ثانيًا: القسم المهني في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ يعقد ندوة توثيقية بعنوان: (القدس وفلسطين في عيون العراقيين) في إطار أسبوع القدس العالمي؛ وتضمنت ورقتين بحثيتين، اهتمت الأولى بتوثيق دور هيئة علماء المسلمين في التعاطي مع القضية الفلسطينية، وجاءت بعنوان: (القدس وفلسطين في عيون هيئة علماء المسلمين في العراق) وسلّطت الضوء على اهتمام الهيئة ورموزها بقضايا الأمة العربية والإسلامية وما تتعرض له من تطورات ومستجدات وأحداث، واشتملت الأخرى على (جهود العراقيين في الدفاع عن القدس وفلسطين)، وبيان وتوثيق مواقف عراقية تأريخية تجاه القضية الفلسطينية في المجالات السياسية والعسكرية والثقافية والعلمية والإنسانية. ثالثًا: قسم الثقافة في هيئة علماء المسلمين في العراق؛ ينظم أمسية شعرية بعنوان: (قوافينا للقدس وفلسطين) ضمن فعاليات مجلس الخميس الثقافي في ديوان الهيئة، استضاف فيها كوكبة من الشعراء العراقيين؛ الذين عبّروا عن تفاعلهم مع نشاطات الهيئات والروابط العلمائية في عموم العالم الإسلامي، وقد أنشد الشعراء قصائد حماسية ووصفية في حب فلسطين والانتماء لها، والتمجيد بشهدائها، والدعوة إلى رصِّ الصفوف وتوحيد الجهود في سبيل نصرتها والدفاع عنها؛ وذلك لما تمثله هذه الأرض المقدسة من مثابة شعرية يقف عندها الأدباء في نسج قصائدهم والتعبير عن وجدانهم. رابعًا: جريدة البصائر الناطقة باسم الهيئة والتي يشرف عليها قسم الثقافة في الهيئة؛ تسخّر عددها - بكافة صفحاته - الصادر بتأريخ أسبوع القدس العالمي؛ لتغطية فعالياته وتوثيق جهود المشاركين فيه، ونشر المقالات والتحليلات ذات الصلة بمحتوى برنامجه. خامسًا: قسم الثقافة في الهيئة يعلن صدور الطبعة الأولى من كتاب (فلسطين والقدس في أدبيات هيئة علماء المسلمين في العراق)؛ وهو دراسة توثيقية في بيانات الهيئة وتصريحاتها الصحفية بين عامي (2003-2018م)، من إعداد القسم السياسي في الهيئة، وطباعة مؤسسة البصائر للدراسات والنشر؛ حيث يعتني هذا الكتاب ببيان مواقف هيئة علماء المسلمين من القضية الفلسطينية، ويظهر الجهود الكبيرة التي تبذلها الهيئة في سبيل دعم هذه القضية، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى، وسعيها المتواصل لإبقائها حية في النفوس. سادسًا: خطباء الجمعة من أعضاء هيئة علماء المسلمين في العراق، يخصصون منابرهم لتكون ناطقة بلسان حال أسبوع القدس العالمي، بالدعوة إلى أنْ تكون قضية المسجد الأقصى وأرض فلسطين المباركة حاضرة في أذهان المسلمين في كل وقت، مشددين على وجوب اتخاذ كافة الوسائل الممكنة والمتاحة في سبيل تقديم الدعم المعنوي والمادي للشعب الفلسطيني، وتأييده، والدعاء له بالثبات على رباطه وجهاده، وعدم التقاعس عن نصرته. سابعًا: كتّاب الهيئة وأعضاؤها ومناصروها يُطلقون سيل أقلامهم في مقالات وتحليلات ورؤى نشرت في صحف ومواقع ومنصات التواصل، فضلاً عن تعليقات المنتسبين فيها ومداخلاتهم في الندوات والمجالس العامة والخاصة؛ والتي صبّت في مجرى نصرة المسجد الأقصى والقدس وعموم فلسطين. ثامنًا: مركز الرافدين للدراسات الاستراتيجية - راسام؛ يعقد ندوة بعنوان: (فلسطين والعراق.. تأريخ من الجهاد)، بمشاركة نخبة من الباحثين والمحللين العراقيين، سلطت الضوء على الدور الكبير والمسؤولية التي تُلقى على عاتق العلماء والمربين في إنضاج فكرة تحرير المقدسات وغرس قيم الجهاد والمقاومة في نفوس الناس، فضلاً عن بيان دور الجيش العراقي في المعارك التي خاضتها الجيوش العربية على أرض فلسطين المحتلة، وجهود الضباط العراقيين في إدارة المعارك، وتضحياتهم في سبيل تحرير المسجد الأقصى ولمدن الفلسطينية من سطوة الاحتلال الصهيوني. تاسعًا: هيئة علماء المسلمين في العراق تشارك في (مؤتمر القدس الدولي) الذي عقدته اللجنة التحضيرية تتويجًا لفعاليات أسبوع القدس العالمي، ومن أبرز معالم جهد الهيئة فيه، كلمة مسؤول القسم السياسي في الهيئة الدكتور (مثنى حارث الضاري) التي تضمنت ما يأتي: عاشرًا: هيئة علماء المسمين في العراق تشارك في الأمسية الخيرية لحصاد فعاليات أسبوع القدس العالمي التي نظمتها اللجنة التحضيرية بمناسبة اختتام فعاليات الأسبوع؛ وقد جاءت مشاركة الهيئة ممثلة بمساعد الأمين العام للشؤون العامة الشيخ الدكتور (يحيى الطائي)، والناطق الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين في العراق الدكتور (عبد الحميد العاني)، ومسؤول القسم السياسي الدكتور (مثنى حارث الضاري)، بالإضافة إلى عدد من أعضاء مجلس الشورى، ومن أبرز ما جاء في مشاركة الهيئة: التتويج والحصاد شهد اليوم الأخير من أسبوع القدس العالمي تتويجًا لفعالياته بعقد مؤتمر موسع شارك فيه مئات العلماء والروابط والمؤسسات والهيئات الإسلامية تحت عنوان: (مؤتمر القدس الدولي)، قدّم العلماء فيه المؤتمر كلمات قامت على محاور عديدة ركّزت على أهمية الثبات على دعم ونصرة القضية الفلسطينية، واستمرار العمل من أجلها على كافة الصعد ولاسيما في المجالات السياسية والإنسانية، علاوة على الاستفادة من النجاح الذي حققته فعاليات وأنشطة الأسبوع للقيام بإجراءات عملية وتطبيقية، وتوسيع دائرة الجهد المقدم لفلسطين من خلال الانفتاح على الجميع، وفق الرسالة التي يؤمن بها العلماء بأن قضية فلسطين هي قضية الجماهير كلّها. واجتمعت الهيئات والروابط والمؤسسات العلمائية المشاركة في فعاليات وأنشطة أسبوع القدس العالمي؛ في وقت لاحق لتنظم أمسية خيرية بهدف تجسيد التضامن الحقيقي مع القدس وفلسطين، اشتملت على جملة من الفعاليات من بينها توثيق واقع حال فلسطين في ظل الاحتلال الصهيوني، وأبرز ما شهده العام الماضي (2020م)، من انتهاكات على المستويات كافة، ولاسيما هدم البيوت، ومصادرة الممتلكات، وزيادة أعداد المعتقلين والمبعدين، فضلاً عن ممارسات تهويد القدس المستمرة بموازاة إبعاد المقدسيين عن المسجد الأقصى الذي يتعرض لاقتحامات يومية من المستوطنين بحماية قوّات الاحتلال، ومن دون إغفال عن بيان أولوية الاحتياجات في الأرض المحتلة التي تعاني المؤسسات الخيرية فيها من حصار خانق وتضييق متزايد في سياق انتهاكات قوّات الاحتلال، ولاسيما مع انعدام الأموال اللازمة لتنمية مشاريع المدينة المقدسة. الأمسية الختامية تضمنت - أيضًا - دراسات لمشاريع مقترحة من المقرر تنفيذها في فلسطين، وخاصة في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين، وقطاع غزّة المحاصر، لكنها بحاجة دائمة للتبرّعات التي من شأنها إحياء هذه المشاريع وتطويرها، لتقدم للشعب الفلسطيني دعمًا وتنمية على مدى طويل. ومن جملة المشاريع المقترحة في هذا السياق؛ كفالة حلقات القرآن الكريم في المسجد الأقصى، وإعمار منازل المقدسيين، والتأمين القانوني للمعتقلين والـمُلاحقين من محاكم سلطات الاحتلال الصهيوني، وتأسيس شبكة للطاقة الشمسية في قطاع غزة مخصصة لذوي الأمراض المزمنة، وكفالة الأيتام، وتفريج كرب المعسرين، وترميم منازل الضفة الغربية، ومشاريع أخرى كثيرة في هذا الشأن.. لتأتي ختام فقرات الأمسية بإعلان العلماء المسلمين تشكيل لجنة مختصة لجمع التبرعات، وتبويبها ضمن المشاريع المطروحة، وتهيئة الوسائل المناسبة لتنفيذها، وخصصت اللجنة الحسابات المصرفية الآتية لاستقبال التبرعات: VAKIF KATILIM BANKASI Swif kodu: VAKFTRISXXX الليرة التركية: TR54 0021 0000 0001 1409 4000 02 الدولار الأمريكي: TR43 0021 0000 0001 1409 4001 03 اليورو: TR16 0021 0000 0001 1409 4001 04 انتفاضة القدس ومعركة السيف بعد شهرين بتمامهما من انقضاء أسبوع القدس العالمي؛ تطوّرت الأحداث سريعًا في مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك؛ حين بدأت شرارة انتفاضة فلسطينية جديدة باشتباكات بين شبان وأهالي حي الشيخ جراح في المدينة المقدسة وقوّات الاحتلال الصهيوني في السادس من (أيار/مايو 2021م)؛ على خلفية قرار جائر من محكمة يهودية يتعلق بإخلاء سبع عائلات فلسطينية من منازلها في الحي الواقع شرقي البلدة القديمة بهدف إسكان مستوطنين، في واحدة من أكثر أنواع الظلم طغيانًا وجورًا. وتطورت الأحداث أكثر التي وقعت متزامنة مع الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك (1442هـ)؛ باقتحامات ممنهجة لمئات المستوطنين وتدنيس باحات المسجد الأقصى؛ وسط حملة عنصرية باشرتها سلطات الاحتلال تضمنت اعتداءات واعتقالات في صفوف المرابطين أثناء أدائهم صلوات التراويح والتهجّد في المسجد المبارك. المقاومة الفلسطينية في غزة بادرت من فورها للقيام بالواجب؛ فصعّدت عملياتها الجهادية وباشرت بإمطار المستوطنات اليهودية برشقات صاروخية مكثفة ومتقنة؛ وأدخلت سلطة الاحتلال في أزمة جديدة، وسط حالة من الذهول والتساؤلات عن كيفية نجاح المقاومة في تطوير أسلحتها وترسانتها الهجومية، التي أنتجت دقة في إصابة الأهداف!! ولأنَّ طغيان الكيان المحتل يجعله لا يفكر كثيرًا في العواقب؛ قررت (تل أبيب) شن عدوان عسكري على قطاع غزة؛ فتورطت في حرب جديدة أسماها الفلسطينيون ومعهم عامة المسلمين في العالم (معركة سيف القدس)؛ التي تميزت هذه المرة بإضافات جديدة على مشهد القضية الفلسطينية محليًا وعالميًا؛ لتظهر بذلك آثار أسبوع القدس العالمي وتأثيره على الوسطين الشعبي والمؤسسي، ولاسيما مع تداعي علماء الأمة أنفسهم - الذين أسسوا لأسبوع القدس - للنفير والتحريض والدعم والتصعيد الميداني والسياسي والفكري والثقافي والمالي، فكانوا سلاحًا داعمًا في إمضائه عن سلاح المقاومة، ولكل ميدان رجاله وتخصصه. ورغم أنَّ معركة سيف القدس قضية رئيسة بحد ذاتها لا ينبغي أنْ تكون في هامش موضوع آخر، ولا يكافئ حجمها ومكانتها إلّا دراسة خاصة ومستقلة؛ وتغطية جليلة تناسب مقامها، وأضواء مركزة تليق بمكانتها؛ فإنَّ مما يجدر القول به في هذا المقام: إنَّ مرحلة أسبوع القدس العالمي كانت بمثابة جولة إعداد وتهيئة لأمر جلل وقع في الحقيقة وآتت فيه ثمار هذه الجولة أكلها طيبًا ومباركًا؛ وكأنَّ علماء المسلمين بما آتاهم الله من بصيرة ورؤية في التشخيص والنظر التحليل والإسقاطات الميدانية؛ استشرفوا مقدمات المعركة، فعملوا على الاستعداد لإدارتها وإدارة دفة الصراع فيها إلى نتائجها المرحلية التي كانت في جلّها الأعظم في صالح المسلمين عامة والفلسطينيين المرابطين على وجه الخصوص.